- بادروا: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بادروا بالأعمال سبعاً، هل تنتظرون إلا فقراً منسياً، أو غنى مطغياً، أو مرضاً مفسداً، أو هرماً مفنداً، أو موتاً مجهزاً، أو الدجال، فشر غائب ينتظر، أو الساعة، فالساعة أدهى وأمر» رواه الترمذي. لماذا أضحت المبادرة في منظور البعض مجرد قيمة حياتية هامشية، وقد يعتد بها فقط في الأعمال الرسمية؟ المبادرة هي قيمة ثابتة من قيم الإسلام حث عليها النبي صلى الله عليه وسلم لتدارك الأعمار قبل فوات الأوان، ولتدارك الأوقات قبل الانتقال إلى حياة البرزخ، ولتدارك الأعمال الصالحة قبل أن تتوقف أنفاس الحياة وينتهي كل شيء.. ننام ونستيقظ في يوم جديد ولا نعلم ماذا يخبىء لنا هذا اليوم وأقداره من مفاجآت وتقلبات في الحياة ونسأل الله العافية.. نستيقظ على أمل وحلم جديد تطل من خلال نافذته على كل مساحات الحياة علك تجد ضالتك وتنقذ نفسك من غياهب الضياع!! بادروا قبل أن تصبح النفس رهينة لأمراضها الفتاكة وفتن الدنيا المتربصة بنا.. واجعلوا في معرض أيام حياتكم مساحات جميلة في عمل الخير، وبصمات مؤثرة لا تنسى في حياتكم وبعد مماتكم، فترفع الكفوف حينئذ داعية لكل بالخير والجنان الخالدة. يقول ابن عمر رضي الله عنهما: «إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك».

- هم الآخرة: روى الإمام أحمد عن زيد بن ثابت أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من كان همه الآخرة، جمع الله شمله، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت نيته الدنيا، فرق الله عليه ضيعته، وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له». ليكن همك الآخرة حتى تستطيع أن تحول كل أوقاتك إلى «ميدان أجر وفير» تثقل به موازين الحسنات، ليكن همك الآخرة وتعمل لها كأنك تموت في الغد.. جرب دعاء: «اللهم اجعل همي الآخرة».. ففيه التوفيق بإذن الله والولوج في مدارج الخيرات.

- خبرة: عندما تمتلك الرصيد الكافي من الخبرات الحياتية، فإنك بذلك تمتلك «منهج حياة وتدريب» للآخرين، فبإمكانك أن تصيغ لهم منهجية حياتهم ومعاملاتهم.. وحتى تحقق النضج في الخبرات الحياتية، فإنه ينبغي عليك أن لا تستصغر تلك المبادرات الكثيرة، والمحكات الكثيرة، والميادين الخيرية المتنوعة التي مررت بها، فإن لك في كل واحدة منها الشأن الكبير، ولك في كل أركانها خبرة ناضجة علمتك الكثير وغيرت من حياتك.. لذا فقد حان الوقت لكي تنقل هذه الخبرة للآخرين، وتنتقل إلى الميدان العملي بخبرتك العملية لتدرب الأجيال عليها.. وأهمها أن تخلص النيات من أجل المولى الكريم في جميع أعمالك الحياتية، وأن تتسابق في الخيرات «وفي ذلك فليتنافس المتنافسون»، وأن تكون في طليعة المبادرين في كل خير ينادى إليه في واحة الحياة. إن الذين يوجعون عقولنا بتلك النظريات الصماء في دوراتهم النظرية المجردة من محكات الحياة الناضجة، فإنما هم قد ضيعوا أوقاتنا ولهثوا وراء الشهرة وجمع المال بنظريات وقوالب إدارية بحتة خالية من منظور التجارب الحياتية والنضج الشخصي والفكري.. لذا فإن المؤسسات المعنية بالتدريب والقائمين على تدريب الموارد البشرية في مؤسساتنا المختلفة، إنما يقع عليهم العبء الكبير في صياغة منظومة تدريبية مفيدة تساهم في التغيير، وتستثمر خبرات قادة ورجال أفنوا حياتهم في أعمال الحياة، وتستثمر عقول أدارت أعداد كبيرة من الجمهور وكانت لها صولات وجولات في ميادين الخير.. هذه العقول هي الأنفع في التغيير والتدريب وتوريث الخبرات. - منحنى الهبوط: عندما تصل بعض المؤسسات الناجحة إلى نقطة الثبات في منظومة أعمالها وبرامجها، فإنها بذلك مطالبة بأن تتوقف لتراجع حساباتها، وتغير بشكل جذري كل أنظمتها ورؤاها وهياكلها الإدارية بما يتوافق ومنظومة العصر وحجم التحديات التي نعيشها في عصر متسارع في مشروعاته وأنظمته المتجددة.. التجديد من سنن الحياة ومن ثوابت نجاح المؤسسات من أجل أن تواصل صعودها بعد نقطة الثبات.. وإلا سيكون مردها هبوط المنحنى إلى أدنى مستوياته. - إبداع: هل أضحت بالفعل الطاقات المبدعة والناجحة والطموحة والتي لها الثقل الكبير في الارتقاء بالمؤسسات، هل أضحت شبحا مخيفا للخائفين على مناصبهم ومن غرتهم كراسي الأوامر والنواهي؟ في عصر يموج بقيم الإبداع والتجديد واحتواء الكفاءات الإدارية المبدعة والطموحة، بات لزاما على قادة المؤسسات أن تعطي الفرصة السانحة لهذه الشخصيات الناجحة لكي تساهم في الارتقاء بمنظومة العمل وتجديد القوالب الثابتة للمؤسسة والتي أضحت في بعض المؤسسات إرثاً قديماً لا يمكن المساس به؟ إن إعطاء الفرصة للمبدعين والقادرين على التغيير والاعتماد عليها في التطوير، إنما يعطي صناع القرار فرصة كبيرة في استحداث رؤية جديدة طموحة للمستقبل، يكتبها مجموعة من المستشارين والخبراء القادرين على تحقيق أحلام الغد.

- تسلق: في بعض الأحيان يتعمد بعض المتسلقين على الأكتاف من أجل أن يحقق مآربه، أن ينفخ في بوق النفاق، ويستثمر كلامه المعسول في التطبيل للمسؤولين، وتصدر احتفالات النجاح لإيصال كلماته البطولية، وإن كانت قد تحققت على أيادي غيره!! مثل هذه الشخصيات تحصد ما تحلم به على طبق من فضة دون أدنى مشقة.. والبعض الآخر «مريح باله» ورجل على رجل، وهو عند رؤسائه الناجح المبدع المقدم في جميع الأعمال.. ولكن في الوقت ذاته ينبغي أن لا تتأثر النفوس المخلصة من هذه «النفوس المريضة»، وتواصل كفاحها وتميزها من أجل أن تحصد ثمارها اليانعة.. جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين.

* ومضة أمل:

قررت مع تلك السواعد الفتية التي قبلت التحدي في مضمار الحياة، أن لا تؤثر فينا عراقيل الطريق.. وأن نعد العدة لكي نشيد أكثر من مضمار للخير.. نقدم فيه للآخرين وجبات الأجور الدسمة.