أكثر من ألف وأربعين مترشحاً لمنصب رئيس الجمهورية في إيران قام مجلس صيانة الدستور بشطبهم بجرة قلم بعد وقت قصير من إغلاق باب الترشح وتم الإبقاء فقط على من يريدهم المرشد الإيراني أن يواصلوا المسرحية الديمقراطية التي تتكرر كل أربع سنوات، فهؤلاء الستة سيتنافسون أمام الشعب وهم يعلمون جيداً، وكذلك الشعب الإيراني، أن من سيصل إلى سدة الرئاسة هو ذاك الذي يريده خامنئي أن يصير رئيساً. هذه هي الديمقراطية الإيرانية والتي تدفعهم بسبب تميزها إلى انتقاد أعتى الديمقراطيات في العالم ومطالبة دول المنطقة بالأخذ بها واعتبارها نموذجاً ومثالاً!

ستة مترشحين للرئاسة في إيران فقط الذين تمت الموافقة عليهم من بينهم الرئيس الحالي، بينما تم شطب اسم الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد الذي رشح نفسه رغم «نصيحة» المرشد له بعدم الترشح، وهو ما يوفر مثالاً عملياً على أن الذي «يمشي» في إيران هو ما يريده خامنئي، وخامنئي فقط، وأن الذي لا يسمع «النصيحة» يمكن أن يخسر كل تاريخه ويشطب مثلما تم شطب أكثر من ألف مترشح لمنصب الرئاسة بحجة عدم الأهلية.

وفيما يبدو تمهيداً لدفع المواطنين الإيرانيين نحو انتخاب من يراد منهم انتخابه عادت إلى السطح القصص التي يتم ترويجها عن العلاقة التي تربط بين خامنئي والمهدي المنتظر حيث بدأ ممثله في الحرس الثوري، علي سعيدي، في نشر فكرة أن الليبراليين والعلمانيين في إيران هم الذين يؤخرون ظهور المهدي لأنهم أعداؤه، وكذلك نشر فكرة ارتباط هؤلاء بالولايات المتحدة، العدو الخارجي للمهدي!

طبعاً الفكرة واضحة وهي الاستمرار في عملية تأليه المرشد بحيث ينتظر الشعب قوله الفصل في من ينبغي انتخابه وتوصيله إلى سدة الحكم، وطالما أن العلاقة بينه وبين المهدي المنتظر قوية إلى الحد الذي «يتواصل معه من خلال الوحي وعلم الغيب والاجتهاد» كما قال علي سعيدي قبل حين فإن هذا يعني أن اختياره هو اختيار المهدي.

ترى من هو الإيراني الذي يستطيع أن يختار غير الذي يريده خامنئي الذي اختياره هو اختيار المهدي؟! ومن هو الإيراني الذي يستطيع أن يشكك في وجود مثل هذه العلاقة الخاصة بين المرشد والمهدي؟! ومن هو الإيراني الذي يستطيع أن يرفع صوته ليقول إن العملية كلها مسرحية وإن الهدف هو توصيل سيناً وليس صاداً إلى كرسي الرئاسة ليظل خامنئي متحكماً في كل شيء؟

بالأسلوب نفسه تروج إيران لفكرة أنها لا تمتلك قنبلة نووية ولا تسعى إلى امتلاكها على اعتبار أنها حرام، لكن مع فارق هو أن القصة هنا ليس المطلوب أن يصدقها الشعب الإيراني فقط ولكن كل دول المنطقة بل كل دول العالم، وهو أمر صعب للغاية بل مستحيل لأنه منطقاً لا يمكن لدولة تعمل على تطوير كل أنواع الأسلحة وتخصص لذلك معظم ثروتها لتحمي نفسها من الأعداء الكثيرين الذين خلقتهم لنفسها ولتهدد بها جيرانها وتعتبر نفسها «رقماً» أن تغض الطرف عن إنتاج مثل هذه القنبلة وإلا تكون غبية ولا تعرف ما الذي تقوم به وما تريده. ولهذا ستظل تنفي كل ما قامت منظمة مجاهدي خلق في واشنطن الجمعة الماضي بكشفه ويؤكد امتلاك طهران للقنبلة النووية، وهذا وغيره هو من مهام الرئيس الإيراني الجديد والحكومة الإيرانية الجديدة، وإلا يتم شطبه وشطبها كما تم شطب أكثر من ألف وأربعين من الذين وجدوا أنفسهم مؤهلين للترشح لمنصب رئيس الجمهورية.

مؤلم الإساءة إلى شخصية المهدي المنتظر بهذه الطريقة، ومؤلم أيضاً اعتبار الشعب الإيراني غبياً إلى الحد الذي يمكنه أن يصدق كل شيء ويصادق على كل ما يراد منه المصادقة عليه.