بالطبع، إن القصيدة الموزونة والمرتبة في قوافيها، تكون هي الأكثر جاذبية لدى ذواق الشعر وقبائل القوافي الموزونة. وما الشعر إلا لمحاولة فهم العالم بوسائل بشرية بالاستعانة باللغة بكامل عناصرها ومن ثم العمل على حياكة الكلمات لتصنع نسيجاً جميلاً كما الجمال نفسه. فالشعر في النهاية هو لغز عذب يغلفه الإلهام وهو فن كسائر الفنون، لا يكون فناً بغير الجمال الذي يجذب القراء والسامعين.

وكذلك فإن الخطبة السياسية تعتبر أيضاً لوناً من ألوان الفن، فهي صناعة لغوية تتفاعل فيما بينها كقطع مأخوذة من كتب الفيزياء والكيمياء لتنتج سيمفونيات لغوية وفنية مؤثرة تقنع الطرف الآخر، وتغير المفهوم السائد إلى قصيدة موزونة تعبر عن قضية مهمة تنتظم بعمق في فهم الأمور.

ويكمن الخلل عندما تكون هناك قضية ما، ويكون هناك طرفان، الطرف الأول يُصيغ «النشاز» والنفاق بمهارة احترافية من خلال استخدام كل الأدلة بطريقة تعكس الحقيقة بمهارة، والطرف الثاني لا يعرف حتى الخطوات البدائية لتكوين فريق عمل متناسق فيما بينه لتدعيم القضية الموجودة، وبذلك، تكون نتيجة الطرف الأول = إعداد قصيدة موزونة مؤثرة وإن كانت حقائقها زائفة، وتكون نتيجة الطرف الثاني = التأخر في تحقيق النتيجة.

في الواقع، لا يخلو أي مشروع من وجود هذين الطرفين المشار إليهما، الطرف المنافق المتحد الذي يصل بسبب ذكائه العاطفي، والطرف الآخر المتزعزع، والذي في النهاية يؤثر على المشروع بأكمله. الأمر الذي يتحتم علينا إعادة النظر في المسألة برمتها، لنصيغ معاً قصيدة موزونة شفافة ضد الأعداء، بحيث نستخدم نفس الآلية ونفس الاستراتيجية و»لكن» بتعاون أكبر فيما بيننا لنبي تلك القوافي الموزونة!

وفي هذا المحفل، أتقدم بالشكر الجزيل لمعهد البحرين للتنمية السياسية الذي أطلق مؤخراً برنامج التدريب «مهارات الخطاب السياسي» والموجه خصيصاً للحاصلين على المراكز العشرة الأولى في مسابقة المعهد حول كتابة الخطاب السياسي في نسختيها الأولى والثانية، وذلك بهدف تنمية وتعزيز مهارات المواهب الشابة في مجال الخطاب السياسي، فضلاً عن تكوين كوادر سياسية وإعلامية مؤهلة وقادرة على إثراء العمل السياسي.

فالمعهد هنا، قد حرص على تخصيص هذا البرنامج لفئة مهتمة بالخطابة السياسية، وساهم باحترافية في إضفاء قالب يحتوي تلك الفئة، ليساعدهم في صقل مهاراتهم لإنشاء أبيات موزونة لقصيدة جميلة تخدم الشأن الوطني باحترافية.