دبي – (العربية نت): استطاع محمد باقر قاليباف، الجنرال الطيار سابقاً وعمدة العاصمة الإيرانية طهران حالياً، الذي شغل مناصب عسكرية ومدنية عدة في أجهزة النظام الإيراني أن يحظى بتأييد مجلس صيانة الدستور، ضمن 6 منافسين على الكرسي الرئاسي الإيراني، ولكن أول ما يواجهه الجنرال المحافظ البراغماتي التكنوقراط تهم بالفساد من الوزن الثقيل.

محمد باقر قاليباف، من مواليد 23 أغسطس 1961، في مدينة طرقبة بالقرب من مدينة مشهد عاصمة محافظة "خراسان رضوي" شمال شرق إيران في أسرة محافظة، يقول البعض إنه من أصول كردية إلا أن البعض الآخر يؤكد أنه من أصول أوزبكية.

دخل قاليباف الساحة السياسية عبر المؤسسة العسكرية، حيث انضم إلى قوات التعبئة "الباسيج" وساهم في قمع الحراك القومي الكردي في إيران قبل أن ينتقل إلى الحرس الثوري ليصبح قائداً في مقر "خاتم الأنبياء"، ثم "قائد القوة الجوية للحرس الثوري" وبعد ذلك "قائد قوات الأمن". وفي الحرب العراقية الإيرانية عيّن قاليباف قائدا لـ"لواء الإمام الرضا" ثم قائدا لفرقة "خراسان الخامسة".



هذا الجنرال السياسي يحمل شهادة الدكتوراه في "الجغرافيا السياسية" من جامعة إعداد المدرسين في طهران وأنهى التدريب على طائرات الإيرباص في فرنسا واختير منذ عام 2003 رئيسا لبلدية طهران.

وهذه ليست المرة الأولى التي يرشح قاليباف نفسه لكرسي الرئاسة الإيرانية، ففي انتخابات عام 2005 لم يحصل على أصوات تؤهله للفوز حيث فاز محمود أحمدي نجاد الذي كان يحظى بدعم المرشد والحرس الثوري المباشر، ولم يرشح نفسه لانتخابات 2009 المثيرة للجدل التي فاز فيها أحمدي نجاد لدورة ثانية ولكن خرجت مظاهرات مشككة في نتائجها واتهمت السلطات بتزويرها وأدى قمعها إلى سقوط عشرات القتلى واعتقال الآلاف في صفوف أنصار المرشحين مير حسين موسوي وشيخ مهدي كروبي.

حينها تم تعيين محمد باقر قاليباف رئيساً لخلية إدارة الأزمات في العاصمة طهران التي شهدت مظاهرات احتجاجية مليونية فكان موقف عمدة العاصمة قاليباف ضد الاحتجاجات التي عُرفت باسم الحركة الخضراء.

قبل ذلك في أحداث 1999، التي يطلق عليها أحداث "الحرم الجامعي"، حيث قمعت احتجاجات طلابية وسقط خلالها 7 من الطلاب فعندما توسعت دائرة الاحتجاجات وخرجت مظاهرات في شوارع العاصمة وسائر المدن الإيرانية، كتب 24 من قادة الحرس الثوري رسالة إلى الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي فهددوه بأنهم سيتدخلون مباشرة إذا لم يقم بقمع الاحتجاجات ومن الموقعين على تلك الرسالة، محمد قاليباف بصفته قائد القوة الجوية للحرس الثوري وقاسم سليماني قائد فيلق القدس.

ترشح قاليباف للانتخابات الرئاسية 2013، وحظي بدعم بعض المحافظين المنتقدين للرئيس السابق محمود أحمدي نجاد ولكن فاز الرئيس الحالي حسن روحاني في تلك الانتخابات.

في عام 2016، نشر "موقع معماري نيوز" تقرير "المفتشية العامة الإيرانية" بخصوص نقل ملكية أعداد كبيرة من عقارات تابعة لبلدية العاصمة إلى أشخاص وتعاونيات مختلفة بأسعار مخفضة جداً، وعلى ضوء ذلك أشارت أصابع الاتهام لعمدة العاصمة محمد رضا قاليباف.

وبلغ تسليط الضوء من قبل الإعلام الداخلي درجة اضطرت فيها السلطة القضائية للتدخل لفائدة قاليباف، فشنت حملة إغلاق لعدد من المواقع الإلكترونية التي تناولت ملفات الفساد واعتقلت رئيس تحرير موقع "معماري نيوز". أما توظيفه لزوجته في بلدية طهران كمديرة للشؤون الثقافية والاجتماعية في حين لم تكمل دراستها الثانوية أثارت انتقادات حادة ضده.

بعد أن أعلن ترشحه في انتخابات إيران 2017، أصدر قاليباف بياناً أطلق فيه مسمى "حكومة الشعب" على الحكومة التي يريد تشكيلها لو فاز في الانتخابات وقطع أربعة وعود انتخابية منها رفع إيرادات البلاد إلى 2.5 ضعف وإيجاد 5 ملايين فرصة عمل وتغيير النظام الضريبي لصالح 96% من الشعب وتبني خطة سريعة لحل المشاكل العاجلة لأصحاب الدخل المحدود، إلا أنه لم يقل كيف يريد تحقيق هذه الأهداف ووصف الكثيرون بالشعارات الاقتصادية الشعبوية التي من الصعوبة بمكان تحقيقها.

وعلق الدكتور حامد قدوسي، الخبير في الشؤون المالية والأستاذ في جامعة ستيونز في نيويورك، على وعد قاليباف بخصوص مضاعفة دخل إيران فقال: "لو أردنا رفع الناتج المحلي الإجمالي إلى ضعفين في إيران، ينبغي تحقيق نمو اقتصادي بنسبة تفوق الـ 18% خلال أربعة أعوام.. في حين النمو الاقتصادي خلال حكم أحمدي نجاد لم يتجاوز الصفر وخلال فترة حسن روحاني بلغ 6.4% وأعلى نسبة للنمو شهدته إيران كانت بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية حيث بلغت 14%".

يحاول قاليباف أن يقدم نفسه محافظاً تكنوقراطياً، ويرفع بعض الأحيان شعارات قريبة من شعارات الإصلاحيين في المجالات الاقتصادية إلا أنه يضع حداً واضحاً وحاجزاً صارماً بينه وبين الإصلاحيين، رغم أنه لا يعد من المحافظين المتشددين بل من الوسطيين وحظوظه للحصول على اصوات الأصوليين المحافظين أكبر من المرشح إبراهيم رئيسي.

إلا أن لعنة الفساد المالي تطارده، ولكنها تبقى أخف من لعنة الإعدامات التي تطارد المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي.