كلنا سمعنا عن تشريع في بعض الدول يجيز زواج المثليين ويعتبره أمراً مشروعاً، مع أن هذا الأمر سلوك ترفضه الفطرة السليمة، فكيف تجيزه التشريعات وكيف وصلت بعض المجتمعات إلى مرحلة تتقبل فيه السلوك الشاذ وتألفه؟

إن انتشار سلوك شاذ يمر بمراحل، فأول النار شرارة، فتجد أن مجموعة من الأفراد ينتهجون سلوكاً مرفوضاً في المجتمع، ولربما تعتبر تلك السلوكيات الشاذة سلوكيات مدفوعة بعوامل اجتماعية ونفسية وثقافية بحاجة إلى توقف ومواجهة حتى لا تنتشر، وتصبح الحالات الفردية ظاهرة مخيفة ومخجلة لمجتمع بطبعه محافظ، فالسكوت عن هذه السلوكيات خطأ كبير، ولنا في بعض المجتمعات مثال على تطورها وكيف أن عدم مواجهة المجتمع ككل جعلها تسري في كيان المجتمع شيئاً فشيئاً وأخذت تتطور ووصلت في بعض المجتمعات إلى أن أصبحت سلوكاً مقبولاً وعلى الجميع تقبله، ويتطور الأمر بهذا المجتمع لأن يصبح السلوك عرفاً في المجتمع، ومما هو معروف أن العرف أحد مصادر التشريع في المجتمع.

وليست المشكلة تكمن في ظهور السلوك غير المقبول، بل في عدم رفض المجتمع لهذا السلوك، ممثلاً في مؤسساته، ومقاومته منذ البداية، فلا يتعامل مع هذا السلوك الشاذ بشكل صحيح، فينتشر ويستفحل، ثم تنقلب الآية، فبدلاً من أن تخرج الأصوات لترفض السلوك تبدأ أصوات ممارسي السلوك الشاذ في العلو، وتطالب بقبول هذا السلوك، ومنح حقوق لممارسيه.

لذا وجب علينا في مجتمعنا أن ندق ناقوس الخطر لننتبه لبعض السلوكيات التي يرفضها ديننا ويرفضها موروثنا من معتقدات وأعراف، والتي دخلت مجتمعاتنا نتاج التغير الاجتماعي والتحديث الذي طرأ علينا، والذي أحدث نوعاً من التحول في الكثير من المعطيات الثقافية والموروثات بمختلف أنواعها، وأدخل على المجتمع المنتجات الثقافية منها الجيد ومنها الرديء، وجاءت هذه السلوكيات الوافدة من مختلف المنافذ ومنها الوسائط المختلفة ودخلت كل بيت وكل تجمع سكاني وكان الرفض للبعض والقبول للبعض الآخر.

ومع تعرض المجتمع بأفراده إلى نوع الاختلاط بثقافات أخرى تحدث بعض السلوكيات إغراء لدى البعض، ويبدأ بعض من أفراد المجتمع وخصوصاً الشباب في التقمص للكثير من هذه السلوكيات الوافدة، بغض النظر عن حرمتها أو حلها أو صلاحيتها للمجتمع، وينتهجها الشباب كنوع من إثبات الذات أو الظهور بمظهر التميز أو التحدي أو الرغبة في تبني هذا النوع من السلوك للتجربة ومن ثم يصبح عادة.

وفي جميع هذه الأحوال فإن تبني مثل هذه السلوكيات يعد من الضعف في التكوين التربوي والأسري والثقافي في بنية الشخصية لهذه الفئة من الشباب، وفي المقابل يمكن القول إن المؤسسات التربوية والثقافية وكذا الدينية في المجتمع تحتاج لمزيد من الإسهام والإيجابية في تناول مثل هذه المستجدات السلوكية حتى لا تترك الأسرة وشأنها في مواجهة هذه التغيرات العاتية دون توعية كافية.

فيجب أن يكون هناك مرصد اجتماعي يرصد كل ما هو دخيل من سلوكيات خاطئة او شاذة إذ إن الضعف في قدرة المجتمع على مواجهتها وعدم قدرته على إقناع الجيل الجديد برفض هذه السلوكيات المصدرة، جعل الأفراد خاصة الشباب أكثر قبولاً لها.

وختاماً، إن الاهتمام بتوعية الأسرة هي الحل الأول فهي الخلية الأولية التي يبنى عليها باقي المجتمع فرغم مشاغل الحياة ووحشة توفير لقمة العيش يجب أن ينتبه الوالدان إلى أي تغير في سلوكيات الأبناء، ويجب مراقبة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وكيف يؤثر اختلاطهم بثقافات مختلفة عبر تكوين صداقات من جنسيات مختلفة، حتى مراقبة الألعاب الإلكترونية، والتي يستغلها البعض لبث مفاهيم خاطئة لديهم، ومن ثم ترشيد استخدامها لكي تتناسب مع عادتنا.

ويجب أن يتكاتف الجميع مع مؤسسات الدولة من أجل رصد كل ما هو سلوك خاطئ دخيل على المجتمع لا يتناسب مع قيمنا وديننا وعدم إنكاره، وألا ندفن رأسنا في الرمال، فالنصح والإرشاد امر مطلوب من كل فرد بالمجتمع، فعندما نصمت ستشري هذه السلوكيات في المجتمع كالفيروس وتصيبه بالأمراض، فمتى قمنا بمواجهتها ومعالجتها وتصحيحها سنسير بالاتجاه الصحيح، فلنتجرأ ولنقل لا للخطأ.