حذيفة إبراهيم:

قال المتحدث الرسمي للتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن العقيد الركن طيار تركي بن صالح المالكي إن منطقة الشرق الأوسط تعتبر ساخنة وتمر بمرحلة خطيرة جداً.

وأشار المالكي في الجلسة الثانية لمؤتمر التحالفات العسكرية في الشرق الأوسط، بعنوان “التحالفات الإقليمية: دورها في الأمن والتحديات والفرص”، إلى أن العاملين الرئيسيين لتشخيص أصول مراحل التحالفات العسكرية، يعود لسياق تاريخي، حيث تبلورت الأنظمة العالمية في القرن التاسع عشر، وكانت هناك سيطرة للامبراطوريتين الفرنسية والبريطانية، فيما تمت إعادة توزيع القوى والثنائية القطبية، فيما تم إنشاء الولايات المتحدة الأمريكية وبعدها عرفت هذه المرحلة بالأحادية القطبية؛ لأنها أصبحت القوى الأساسية لهذه الفترة.

ولفت إلى أنه مع بداية الآلفية الثالثة، ظهرت العديد من القوى الجديدة بسبب العامل الاقتصادي، إلا أن العامل الأمني وظهور موجة التطرف الفكري للجماعات الإرهابية في بعض الدول، شكل هاجساً للدول لحماية أمنها القومي واستقرارها العسكري، منهاً إلى أن العقد الماضي اشتهر بمحاربة الإرهاب، حيث أن وجود دول تدعم الإرهاب يعتبر مخالفاً للقوانين الدولية، كدعم إيران لبعض هذه الجماعات والمنظمات.

وتابع “من الضروري تقييم التهديد وفق الدراسات الحديثة قريبة المدى، وحتى المتوسطة والبعيدة للتعامل معها بأكثر احترافية”، مشدداً على أن التحالف العسكري يأتي بإرادة سياسية، وهو ما يؤكد أن ذلك “قرار سياسي بالدرجة الأولى.

وذكر أن التحالف العربي في اليمن الذي أنشأته المملكة العربية السعودية التي امتلكت الدبلوماسية والسياسة كونها شقيقة الدول مجلس التعاون الخليجي الكبرى، ولها تأثيرات عالمية في الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، منبهاً أن الأهداف الاستراتيجية لكل دولة في التحالف تختلف عن الأخرى، لكنها قد تحقق الأهداف المرجوة منه بشكل عام.

وشدد على أن التحالف العربي الموجود لأي دولة هو ضرورة لخوض حرب فيما يخص العمليات لضمان منهجية تحقيق الأهداف الاستراتيجية، مؤكداً أن الحرب في اليمن لم تكن خياراً بل اضطراراً، والدعوة للتحالف جاءت استجابة للرئيس اليمني، لإنقاذه من وجود إيران في اليمن، حيث كانت رابع عاصمة عربية يتم السيطرة عليها من قبل طهران، فيما تخضع اليمن والدول العربية لحرب وجودية وعليها أن تحارب للدفاع عن أمنها ووجودها.

ومن جانبه، قال القائد العام للقوات المسلحة الماليزية الفريق أول تان سري رجا محمد أفندي إن مؤتمر التحالفات العسكرية في الشرق الأوسط يعتبر لقاءً هاماً جدا لنا جميعا وتمنى أن يكون منصة للتعاون والاستفادة المتبادلة من المعلومات والتجارب والخبرات المتنوعة في هذا المؤتمر وتسخيرها لخدمة جميع قوات الدفاع، مستعرضاً في خطابه التحديات والفرص المعاصرة الأمنية من المنظور الماليزي، والعوالم التي تؤدي الى الامن والفرص للتعاون الامني واخيرا احد افضل الممارسات في ماليزيا.

وتابع أن العوامل التي تساهم في التحديات المصيرية والتهديدات التي تؤثر على المجتمع وعلى الاشخاص تختلف من دولة لاخرى، وهذا الموتمر هو دعوة لجعلها في نهاية المطاف مشتركة بغية محاربتها، منبهاً أن العالم اليوم لديه مخاوف كبيرة كالإرهاب والتهديدات الإقليمية، بالإضافة إلى القرصنة والاتجار بالبشر وتمويل الإرهاب والمنظمات الإرهابية.

وقال إن التحالفات والتكنولوجيا المتقدمة سمحت للمجرمين باللعب بدور كبير في الاستقرار الخاص بالدول وتدمير البنى التحتية والنظام الدفاعي والجرائم الإكترونية الموجودة بشكل كبير، ووجدت حروب إلكترونية بفعل التواصل الاجتماعي وأصبحت الجماعات الإرهابية تطلع على عملياتها عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي.

وأردف أن الحلول تبدأ بحوار مستمر، خصوصا أننا في سعي حصولنا على حلول بسبب تهديد كوريا الجنوبية الهجوم النووي وقوات داعش، ومبيناً أننا لابد أن نعرف القنوات التي تجابه هذه الجماعات، والتي تستهدف التأثير على بعض المسلمين وتجعلهم يفكرون في الجهاد ويتأثرون بكلمة الدولة الإسلامية التي ينتقل قادتها من مكان لآخر لخلق ميلشيات وأشخاص يفجرون أنفسهم، مستشهداً بتواجدهم اليوم أكثر من ذي قبل والرابط بين الجماعات العسكرية في كل العالم، وبهجمتهم في كوالامبور في احتفالات اليوم الوطني.

وأكد أن التعاون هو العامل الرئيسي للنجاح ولتغيرات اليوم، وهناك العديد من الجهود علينا بذلها كالتعاون داخليا خارجياً أو ثنائياً أو متعدد الجهات لحل هذه المشكلات التي لا حدود لها، قائلاً: إننا نعمل مع السعودية لإنشاء مركز لمحاربة الإرهاب والأفكار المتطرفة وهو مركز يهدف للسلام الدولي واتفقت الدول على ضرورة المصادقة له ودحض هذه الأفكار عن الإسلام لأنه يعنينا جميعاً كمسلمين.

واختتم بتوجيه رسالة لتشجيع الأغلبية لتقف ضد التطرف، معتبراً المعرض هو منصة هامة لبناء جسور من الفهم وتبادل الأفكار والخبرات والتعاون المشترك والتطلع لتعزيز أواصر الصداقة مع الجميع.

من جانبه، قال القائد العام للقوات المسلحة البريطانية سابقاً السير دفيد ريتشاردز، أن نجاح أي تحالف متعلق بمدى الأساس الاستراتيجي له، مشيراً إلى أنه من الصعب جداً الاتفاق على مبادئ الحرب، مشيراً إلى أن الهدف الاستراتيجي لأي تحالف مهم، موكداً أن سياسة “العصا والجزرة” مهمة وحيوية في التحالفات، وهي غير موجودة في العلاقات الدولية.

وأضاف ريتشاردز أن عدم وجود أي توافق بين الدول الأعضاء في الحلف العسكري سيسبب انقساماً في الأولويات، مشيراً إلى أن المصلحة والقيم المشتركة العليا يجب أن تتفق مع بعضها البعض في أي حلف ليكون قادراً على معالجة التصارعات وإلا فإنه “نمر على ورق”، مشدداً على أن الحلف يجب أن يكون لديه القدرة على تفسير الأحداث، وعلى ضرورة وجود طرق تخفف من الأضرار السلبية لما تمر به المنطقة والعالم، ومتابعاً “كنت أتساءل عن المخاطر العملية الناتجة من هذه الفوضى في المنطقة، ولكن أعود لأتذكر أنه يجب أن نفعل ما يؤمر به، لنتجنب الفوضى”.

وأكد ريتشاردز ضرورة “تحديد التكتيك بدلاً من شرحه”، مشدداً على أن التحالفات ليست أمنية فقط وإنما تتجسد في العديد من الأمور الأمنية والعسكرية والسياسية وغيرها، مبيناً أن الدول الأعضاء يجب أن تستخدم كافة قواها العسكرية في التحالف، وعلى مستشاري الدفاع ووزرائه في الدول توصية حكوماتهم بذلك.

من جهته، قال رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الباكستاني الجنرال زيير محمود حياة، إن الصراعات في المنطقة قد تجلب العنف للجميع، مشيراً إلى أن الإرهاب يجب أن يكون موضع اهتمام الجميع لمحاربته.

وتابع حياة “يجب أن نتعاون في النواحي الأمنية والأخرى المختلفة، أن القضايا التي أمامنا لا يمكن التعامل معها إلا عن طريق دولة واحدة، حيث هناك تحديات عديدة والأعراق المختلفة”، معتقداً أن التحديات العديدة والأعراق المختلفة التي في الدول المحيطة تصب في مصلحة الصراعات أحياناً وعدم الاستقرار، ومشيراً إلى أن جغرافين وثقافة الشرق الأوسط تدل على تلك المشاكل، ومبيّناً أن أمن الشرق الأوسط هو من مصلحة جميع دول العالم خصوصاً باكستان، مشيراً إلى أن التحالف العسكري ليس الحل الوحيد فقط لمحاربة الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار.

وأكد أن مشاكل المنطقة لا يمكن حل مشكلتها في عام واحدة أو فترة وجيزة، بل تحتاج لحلول طويلة الأمد، قائلاً: إن الأزمات الإنسانية لها عامل كبير في التحديات الأمنية، إضافة إلى اللاجئين الذين يؤثرون على تركيبة الدول، ومتابعاً “لابد من وجود إدارة جيدة تستخدم الإعلام للعمل على مراكز تحارب داعش في العالم الافتراضي، والتي قد تنمو وتكبر بصور كبيرة”.

وأشار إلى وجود العديد من القضايا التي تم تهميشها مثل القضية الفلسطينية في المنطقة، مبيناً أن باكستان تأثرت من الأزمات في الشرق الأوسط والعديد من الصراعات والخلفيات الثقافية المختلفة التي تهدد الدول المجاورة، وقائلا إن المعضلات الأمنية التي تواجه الدول لها تأثير كبير على تطوير القدرات الدفاعية، مشيراً إلى أن هذه المعضلات تسبب “المفارقات”.

وشدد على ضرورة وجود “مسؤولية مشتركة” بين الدول الإسلامية لمواجهة الإرهاب، وهو ما تجلى في التحالف الإسلامي العسكري، مع العلم بأن ذلك لا يغني عن إنهاء المشكلات أو حلها بالطرق الأخرى، معتبراً أنه على الشراكات الدولية أن يكون لها هدف مشترك، يمكن من خلاله التعاون، فضلاً عن المصالح المشتركة، ومنبهاً إلى ضرورة القضاء على الجماعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة، وداعش وغيرهما، للوصول إلى الأمن والاستقرار طويل الأمد، حيث إنه لا يوجد حل مثالي للتعامل مع تلك اتنظيمات، إلا أن الدول جميعها يجب أن تتعاون على المستوى الإقليمي والعالمي للقضاء عليها.

من جانبه، قال مساعد الأمين العام السابق للشؤون السياسية والسياسة الأمنية في حلف شمال الأطلسي السفير ثراسيفولوس ستاماتوبولوس، إن التهديدات في المنطقة معقدة وتتطلب ردة فعل متعددة الجوانب في مختلف المجالات، مشددا على أن مجلس التعاون الخليجي بحاجة لدمج هياكل قواته العسكرية، واستخدام معدات المجلس بصورة كاملة معاً، مؤكداً أن وجود مركز لـ “الناتو” للتنسيق مع دول الخليج وغيرها في الكويت يسهل من عملية التواصل، وهو أمر مهم لتسيير التعاون العسكري مع هذه الدول، وأن التعاون مع الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي جزء لا يتجزأ من الشراكة في المنطقة.

وتابع “دعوت وفداً من مجلس التعاون الخليجي لزيارة الناتو لبحث مجالات التعاون وتم عقد عدة اجتماعات في الكويت خلال يناير الماضي”، منبهاً أنه “على الرغم من كوني لا أتحدث باسم الناتو، لكنني متأكد أنه لم يحد تغييراً خلال الأشهر القليلة الماضية فيما يتعلق بتعزيز التعاون مع دول الخليج”.