زهراء الشيخ إذا كان الصابون مصدر الجراثيم فلا شيء يصلح للنظافة بعدها، كذلك إذا كان سوء التربية صادراً ممن يفترض أنهما القدوة الحسنة، الوالدين، فلا سد يقف حائلاً دون أن يكرر الطفل ألفاظاً مشينة تسيء لهم ولطفولتهم أولاً. تروي زينب حبيب تجربة عاشتها بالقول "ذهبت مع عائلة من معارفي إلى السعودية، واضطررت أن أكون معهم في نفس السيارة. أشد ما أثار استغاربي طريقة تدليلهم لإبنائهم، طوال الطريق يقولون لهم يا "حيوان"، "حبيبي يا حيوان". وإذا كان استخدام هذه الألفاظ سيئاً فإن استخدامها في التدليل أشد سوءاً. تساءلت حينها أي الكلمات ترى يستخدمونها في عقاب وتوبيخ أطفالهم؟!". ويقول "يوسف.م" "في منزلنا تعلمنا ألا تكون بيننا أي ألفاظ غير مستحسنة بعيداً عن أن تكون سيئة أو بذيئة، لكن لدي أخوين متزوجين من عائلتين مختلفتين فأجد اختلافاً كبيراً في ألفاظ أطفالهما، فأطفال أحدهما يتلفظون بكلام معيب، بسبب ما يتداول في منزل أخوالهم، رغم سعى أخي في تهذيبهم". وتؤكد خديجة علي أن "الطفل يقلد كل ما يراه، سواء كان جميلاً أم قبيحاً، فهولا يستطيع غربلة الأشياء. لدي ابنة أخت، والدها يعاني ضعفاً في السمع، لذلك يرفع صوت ما يستمع إليه أو يشاهده، وهي تفعل نفسه لا لحاجة إنما لأنها اعتادت ذلك. هذا مثل بسيط عن أدق التفاصيل التي يقلد فيها الاطفال آباءهم". فيما تقول إيمان عبدالكريم "رأيت أشكالاً وأنواعاً من الآباء الذين يربون أبناءهم تربية سيئة، وأعتفد بأنهم ليسوا أهلاً لهذه النعمة العظيمة التي منّ الله عليهم بها (..) في موقف لم أنسه ابداً، كنت في جلسة بنات ونساء، وغالباً غ هذه الجلسات ما تفتخر الأمهات بما يعرفه أطفالهم، كغناء نشيدة، أو عد الأرقام، أو تلاوة قصار السور، أما تلك الأم فكان افتخارها بشيء مختلف تماماً، حيث كانت تأمر طفلها "قل لهم "حمارة"، "كلبة"، نادهم يالـ"بقرة"، وكانوا يضحكون وكأنه أمر طبيعي!". وتروي رفاء عمر "تعرفت على عائلة يتلفظ أطفالها بشتائم معيبة حتى للكبار، وليس هذا فقط، بل يتناقشون في مواضيع ليست لعمر الأطفال كالأمور الجنسية. كنت شديدة الدهشة والاستغراب، واتضح في ما بعد أن والدهم يتحدث هكذا أمامهم بشكل طبيعي جداً!". وتستشهد ايمان يوسف بما يحدث من جيرانها بالقول "إذا تشاجر الأم والأب تنابزا بكلام غير لائق، وكانت النتيجة أن أطفالهما صاروا يتحدثون بمثل هذا الكلام في حياتهم اليومية". في حين تلفت شيخة جعفر إلى أن "تأثير الآباء على الأطفال يعجن بطبائعهم، ويكون شخصياتهم حتى الكبر"، وتضيف "سأتحدث عن محيطي "المدرسة الثانوية"، التي يفترض أن تكون طالباتها كبيرات. في موقف يتكرر كثيراً في كل الصفوف والمدارس، طالبة تحدثها المعلمة وبمجرد ابتعادها، تقلد كلامها ومشيتها بحركات استهزائية، أو تتلفظ عنها بكلام بذيء، وغالباً تكون هذه الطالبة قد اكتسبت سلوكها من المنزل". سيد مرتضى عيسى والد تعرض لموقف معاكس، يقول "لا أسمح لأطفالي التلفظ بالسيئ من القول، لكني فوجئت بابنتي ذات السبعة أعوام تتلفظ بكلماتٍ غير لائقة، وعند الحديث معها فهمت أنها سمعتها من إحدى زميلاتها في الفصل، وبعد متابعتي الأمر اتضح أن الطفلة تربت في أسرة تتفشى داخلها الألفاظ غير اللائقة". وتوضح الاختصاصية الاجتماعية إيمان الحبيشي أن "الأطفال يحاكون الآباء والبيئة المحيطة، ومن الطبيعي أن يكتسب الطفل مصطلحات والديه وتصرفاتهما، وعند انفتاحه على العالم خارج أسرته فهو أيضا يقلد المحيط في استخدام المصطلحات والسلوكيات. وحين يستخدم الطفل ألفاظاً غير لائقة في عموم تفاعلاته فأول وأهم مشكلة تواجهه "عدم القبول" وهذا أمر غالباً يترك أثراً سلبياً على شخصيته وتكوينه للصداقات وربما حتى دراسته، وقد تجعله يميل للعنف، خصوصاً إذا فشلت المؤسسة التعليمية في احتواء المسألة. وفي العموم، يميل الذكور خصوصاً عند اقترابهم من سن المراهقة إلى الألفاظ غير اللائقة، وللأسف يعتبرونها تعبيراً عن الرجولة".