إنه محبط فقد هشمت حلماً كان سيفخر بتحقيقه.. هكذا أخبرها في رسالة مقتضبة كانت أول ما قال لآخر ما علق في ذاكرتها قبل أن تجمع قصاصاتها من قراءات الكتب واقتباسات المدونين لتطلق بوحها طيراً في سماء كادت أن تطبق على الأرض في عينيها فتسحق فيها آخر ما تبقى منها دون رحمة، ولتطوي مسيرة عطاء طويلة جد طويلة.

جبارة هي الإرادة التي تدفع المرء الى أن يصنع لنفسه مكاناً في المجتمع من العدم، وأن يكون أغلب ما يريد أن يكون رغم كل العواصف العاتية التي تمر به في حياته والتي أبت إلا أن تكسره، وأبى إلا أن يتفوق عليها.. ولكنه في ذات حين يقف وقد هشمت أضلاعه ليقول «أنا فارغ تماماً وأخشى أن ليس لدي ما أقدمه لنفسي أو لأحد». قد لا تكون تلك الحقيقة، ولكنه ما أوحى له واقع الأمر به. يقال «قاسية هي الحياة عندما تصدمك بواقع مؤلم في سن مبكر»، ولكن كيف هي الحياة إن كشفت لك زيف كل ما فيها في سن متأخر وربما بعد فوات الأوان، لتقبع في ظلام خشية سرعة الأيام وفكرة أنك تكبر وأن كل فائت لا يعود وأن الفرص لا تتجدد؟!

أحدث لك يوماً أن حاربت طوال عمرك من أجل تحقيق حلم، وما أن أوشكت على الوصول له حتى استنفدت كافة قواك فوجدت أن لا شيء يستحق كل هذا العناء؟! هل حدث أنك وصلت لتحقيق حلمك ووجدته خلافاً لما كنت تتمنى، وأن ما بذلته من أجله كان أثمن بكثير مما حصلت عليه، وأقل ببعد السماء عن الأرض مما كنت تستحقه؟ هل حدث أن بذلت قصارى جهدك على أمر ثم لم تجد من يصفق لك ووجدت نفسك كلما علوت على سلّمة كلما وجدت نفسك وحيداً وتائهاً رغم بريق الأضواء الذي يحيط بك من كل صوب وناحية؟! هل حدث أن وجدت نفسك فجأة أنك غير مستعد لدفع ثمن ما لا يستحق وأن تموت لهفتك المجنونة على أمر ما، فلا تعد تنتظر شيء، ولا تتوقع شيء، وتتساوى عندك الأشياء والأشخاص وتكتفي بالتمتمة مرحباً بمن أراد البقاء ويحفظ الله من قرر الرحيل، وتسلم أمرك للقدر، وتسأل الله السلامة، مكرراً للجموع «رفقاً بما تبقى مني»؟!

* اختلاج النبض:

لا شيء يقف على كبوة جواد، والتعثر بداية ذهبية لانطلاقة أقوى، وبعض المسارات التي تختارها قد لا يكون فيها من التميز بقدر الطريق الذي توجهك عثراتك إليه لتنطلق فيه من جديد.. المهم أنك لا تتوقف أبداً، «انتقم بنجاحك.. اقتل بصمتك.. عاقب بغيابك.. انتصر بابتسامتك» وكن كما تريد أو أفضل.