* مصر تصدر بـ1.6 مليار دولار.. والإمارات تستحوذ على 73 %

* سويسرا ثاني الأسواق المستوردة والسعودية في المرتبة السادسة

* ورش حارة الصالحية تحولت إلى عيادات لعلاج الأمراض بطاقة الأحجار



القاهرة - عصام بدوي

تجارة الأحجار الكريمة من أرقى أنواع "البيزنس"، فهي أقرب للفن والهواية منها إلى التجارة، فهي تحمل بين مراحلها شغف البحث ولوعته، وحيرة الانتقاء، متزامنة مع فن تحويل الصخور لقطعة من الجمال. تلك الحالة المتفردة من سحر الملمس والألوان، دفعت العديد من الأشخاص في مصر لخوض محراب تلك الحرفة، والتي بجانب ما تمنحه من شغف تعود بالربح على من يمتهنها، وبحسب أحدث إحصائية، بلغت صادرات مصر من الحلي والأحجار الكريمة 1.620 مليار دولار، خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر من هذا العام 2017. وبحسب التقرير الشهري للمجلس التصديري لمواد البناء التابع لاتحاد الصناعات المصرية، استحوذت دولة الإمارات العربية المتحدة على نحو 73.4% من إجمالي صادرات مصر من "الحلي والأحجار الكريمة"، وبما يقدر بنحو 1.190 مليار دولار عن تلك الفترة. وتصدر مصر الحلي والأحجار الكريمة إلى نحو 79 دولة، منهم 23 دولة، تم افتتاح أسواق جديدة بها هي "تونس، رواندا، بولندا، روسيا الاتحادية، بلجيكا، نيوزيلندا، جزر القمر، أيرلندا، الصومال، الأرجنتين، كولومبيا، إستونيا، إرتيريا، سنغافورة، نامبيا، اتحاد ماليزيا، الفلبين، المجر، سلوفينيا، إندونيسيا، إثيوبيا، فيتنام، إيران".

ويحتل السوق السويسري المرتبة الثانية من حيث الدول المستوردة للحلي والأحجار الكريمة، حيث صدرت مصر ما قيمته 229 مليون دولار، تلاه السوق التركي بنحو 107 ملايين دولار، بينما بلغت صادرات مصر للبنان نحو 82 مليون دولار، و7 ملايين دولار إلى جنوب إفريقيا.

وتحتل المملكة العربية السعودية المرتبة السادسة من حيث الدول المستوردة للحلي والأحجار الكريمة المصرية، حيث تم تصدير ما قيمته 4 ملايين دولار في تلك الفترة، تلاها السوق الألماني بمليوني دولار.

وفي منطقة الأزهر، وعلى بعد أمتار من مسجد الحسين، وتحديداً بين أروقة شارع المعز لدين الله الفاطمي، تقع حارة الصالحية، أشهر الأسواق المتخصصة في تجارة الأحجار الكريمة، حارة يُنحت بورشها المصطفة على الجانبين قطع للزينة من الأحجار النادرة التي تمثل هوساً للبعض، وهواية للبعض الآخر، وذكرى للسياح الأجانب، تذكرهم بزيارتهم لمصر. "ناصر عنتر" الذي يعمل في المهنة منذ حوالي 40 عاماً، يقول إنه "تعلم الحرفة من هنا وهناك، إلى أن أتقنها بمهارة، ويتخذها مهنة لكسب الرزق، فالأحجار الكريمة في حالتها الخام تمر بعدة مراحل إلى أن تصل للمنتج النهائي، تبدأ من تقطيع الحجر وتشكيله ثم الصنفرة نهايةً بالتنعيم النهائي للحجارة". وأضاف، "هناك اهتمام من قبل المواطنين بالصناعات اليدوية بالرغم من التقدم في أنواع وأشكال الإكسسوارات، ولكن يظل للأحجار الكريمة رونقها الخاص في إكسسوارات الزينة لدى الكثير من النساء، فضلاً عن ارتداء بعض الرجال خواتم من الأحجار الكريمة".

وأشار إلى أن "الأحجار الكريمة لها أنواع متعددة، مثل أحجار الفيروز المصري والماس واللؤلؤ والمرجان والكهرمان والعقيق والصدف، بعضها يتم استخراجه من مصر، والبعض الآخر يتم استيراده خصيصاً من البرازيل والشيشان".

وأكد، أن "الإقبال الأكبر يكون على حجر الفيروز المصري".. مضيفاً "الأجانب يطلبون الشغل اليدوي ويعشقونه، وهو محبوب من قبل العرب وجميع الجنسيات المختلفة، فنحن أفضل دولة في العالم في الأشغال اليدوية". وأوضح أن "خريطة الأسعار للأحجار الكريمة، يتم تحديدها وفقاً للوزن بالجرام والجهد المبذول في عمله، فقد يبدأ ثمنه من 20 جنيهاً، وقد يصل إلى 4 آلاف جنيه"، مضيفاً أن "أسعار الأحجار المستوردة ارتفعت بعد تحرير سعر الصرف وارتفاع الدولار، مما أثر في حركة البيع والشراء". بينما تقول دعاء محمد، إحدى العاملات بمحلات بيع وتصنيع الأحجار: "أشهر الأحجار في مصر هي أحجار الفيروز وأحجار المرجان والزبرجد والعقيق، حيث نقوم بتجميع هذه الأحجار، ثم يتم تقطيعها وتشكيلها عن طريق ماكينة التقطيع والتلميع، بينما يتم التعرف على الأحجار الكريمة عن طريق الشكل والألوان، بالإضافة إلى بعض الطرق التي تستدعي وجود خبير، وهو الذي يستطيع التفرقة بين الحجر الكريم ونصف الكريم والحجر المزيف والمقلد، فبعض الأحجار الموجودة مثل خام الكهرمان يوجد منه الطبيعي وغير الطبيعي، وهو يشبه بشكل كبير الحجر الكريم الطبيعي، ولا يمكن أن يفرق بينهما غير المتخصص".

ولم تكن تلك الورش مقصداً للزبائن الباحثين عن الأحجار الكريمة بغرض الزينة كما هو الحال بالنسبة للسيدات المحبات لارتداء الذهب أو الألماس فقط، بل هناك من يبحث عن الأحجار بغرض الشفاء من الأمراض. وقد تحول بعض أصحاب محلات بيع الأحجار الكريمة في حارة الصالحية إلى ما يشبه الطبيب المعالج، فهناك من يأتي بحثاً عن حجر من الأحجار لفك الضيق، كما يحكي أحمد الدريني، بائع بأحد محلات حارة الصالحية، فينصحه بشراء حجر العقيق.

ويوضح أحمد الدريني، أن هناك طاقة شفائية لكل نوع من أنواع الأحجار الكريمة، وهناك مراكز متخصصة في تحديد نوعية الطاقة الشفائية لكل نوع من هذه الأحجار، مشيراً إلى أن هذه الطاقة تعتمد بالأساس على ما أسماه "7 شاكرات"، وهي عبارة عن 7 مراكز للطاقة موزعة على جسم الإنسان، ومعالجة هذه المراكز السبعة، وهي ما يبحث عنه عدد كبير من الزبائن في حارة الصالحية.

ويبدو أن هناك عدداً كبيراً من بائعي الأحجار الكريمة في حارة الصالحية على اقتناع تام بالجدوى الشفائية لهذه الأحجار، كما يؤكد أحمد الدريني، خاصة أنه كان شاهداً على عدد من الحالات التي كانت تعاني من بعض الأمراض وشفيت بعد اقتناء الأحجار الكريمة، نظرًا للترابط الكبير بين مكونات حجم الإنسان والأحجار الكريمة "على حد وصفه".

ويقول محمد عارف، رئيس شعبة الأحجار الكريمة التابعة لغرفة صناعة الحرف اليدوية باتحاد الصناعات المصرية، إن تلك الصناعة تشهد خلال الفترة القليلة الماضية تطوراً ملحوظاً واهتماماً من الدولة، حيث تم التوقيع مؤخراً على إنشاء مختبر معتمد للأحجار الكريمة، يختص بمنح شهادات معتمدة للأحجار معترف بها خارجياً، بجانب إنشاء أول معمل في مصر لمعالجة أحجار الفيروز.

وأضاف، نستعد حالياً للمشاركة في أول مجمع "مول" تجاري مصري لعرض خامات الأحجار الصناعية والأحجار الكريمة بإمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة.

وقال إن هناك ضرورة لإعادة إحياء الصناعة التاريخية بمصر، لذا فهناك عدد من الاقتراحات يأتي على رأسها "العمل على تحسين المنتج المصري بالتعاون مع مركز تحديث الصناعة، بالإضافة إلى توفير مكان للشعبة في كل المناطق الصناعية بمصر". وأشار إلى ضرورة تحديد تجمعات، وأن يكون لها ممثل واحد لاتخاذ قرارات سريعة، بالإضافة إلى فتح المعارض الدولية والمحلية الثابتة، على أن يكون هناك مراكز تسويق ثابته في تلك الدول، معلناً عن نية الشعبة إنشاء مناطق صناعية تشمل 100 ورشة لتعزيز العمل وخدمة المناطق المحيطة، بالإضافة إلى إمداد الورش بالتصميمات الجديدة وتنظيم مسابقة عالمية لنحت الأحجار الكريمة في مصر.