* الفتاة الفلسطينية رمز جديد للمقاومة الشعبية بمواجهة الكيان الصهيوني

غزة - عزالدين أبو عيشة

وقفت الصبية عهد التميمي أمام الجندي المدجج بالسلاح، صفعته بقوة وصرخت في وجهه بأعلى نبرةٍ بصوتها "أخرج من قريتي"، لم تتمالك أعصابها دافعةً الجندي إلى الخارج، بعدما حاول الاعتداء عليها وتوبيخها، لكن نخوتها الفلسطينية رفضت الإهانة، ووقفت أمام رشاشات الاحتلال.



وأصبحت الفتاة الفلسطينية بشعرها الاشقر المجعد وعينيها الملونتين والتي تحاكم حاليا بتهمة ضرب جنديين اسرائيليين، رمزا للمقاومة الشعبية الفلسطينية.

وتاريخ عهد في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي يعود الى طفولتها. كانت لا تزال في الحادية عشرة من عمرها عندما استقبلها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان عام 2012، وكان يشغل آنذاك منصب رئيس الوزراء، بعد انتشار شريط فيديو تظهر فيه وهي تحاول منع الجيش الاسرائيلي من اعتقال طفل من عائلتها. وظهرت الطفلة في حينه وهي تمسك بجندي اسرائيلي مع نساء من عائلتها من دون أي خوف او تردد، في محاولة لانقاذ الفتى من قبضة الجندي.

واعتقلت الفتاة في 19 ديسمبر الجاري، بعد انتشار شريط فيديو آخر على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الاعلام تظهر فيه مع قريبتها نور وهما تقتربان من جنديين يستندان الى جدار منزل عائلة عهد، وتبدأان بدفع الجنديين، ثم بركلهما وصفعهما وتوجيه لكمات لهما.

ردة فعل الفتاة التميمي "16 عاماً"، جاءت طبيعة للدفاع عن نفسها وقريتها النبي صالح الواقعة في الشمال الغربي لمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، التي فرض عليها الاحتلال الإسرائيلي حصاراً، واقتحمها بحوالي 20 سيارة عسكرية محصنة.

وبدأت قصة عهد منذ كانت يافعة حيث كانت تواجه الجنود بقوة، تصرخ فيهم وتضربهم، فاستطاعت لفت أنظار العالم لها، لتوصل رسالة الظلم الواقع على قريتها منذ عام 2009 بعد الشروع في بناء جدار الفصل العنصري.

صفعة عهد التميمي للجندي كانت مؤلمة لإسرائيل، ما دفع سلطات الاحتلال لاعتقالها، وعندما ذهبت والدتها نرمين للسؤال عنها اعتقلوها أيضاً، في الزنازين الصغيرة، وحرموا عهد من الملابس لتعاني البرد القارس داخل المعتقلات الإسرائيلية.

لم تكتفِ سلطات الاحتلال بذلك، بل استدعت والدها للتحقيق، ورفضت السماح له برؤية زوجته أو طفلته، كما قرّرت المحكمة الإسرائيلية العسكرية تمديد اعتقالها، بدعوى "الاعتداء" على جنود الاحتلال وعرقلة مهامهم، تمهيداً لمحاكمتها.

ولم تسلم عهد وهي داخل معتقلات الاحتلال من همجية الصهاينة، الذين حاولوا اغتصابها.

والد الفتاة، باسم التميمي، قال إن محامي "عهد" تقدم بطلب إلى المحكمة، للإفراج عنها بكفالة مالية، إلا أن المحكمة رفضت القرار، وأصرَت على محاكمتها، ما يعد اختراقاً للإنسانية، فعهد لا تزال قاصر.

ومنذ طفولتها عرفت عهد بين أقرانها أنّها دائمة التصدي لجيش الاحتلال في اعتداءاته على عائلتها وجيرانها، وشاركت منذ الرابعة مع والديها في العديد من المسيرات والمظاهرات رفضاً للسياسات التي تفرضها سلطات الاحتلال على منطقتها.

في عام 2012 تكرمت عهد بجائزة حنظلة للشجاعة، من قبل بلدية باشاك شهير في إسطنبول، لشجاعتها في تحدي الجيش الإسرائيلي، والتقت برئيس الوزراء التركي آنذاك رجب طيب أردوغان.

قبل اعتقالها تعرضت عهد للإصابة ثلاث مرات بالرصاص المطاطي الذي يطلقه جيش الاحتلال، وتعرضت لكسر بيدها، لكنها واصلت الدفاع عن نفسها وأهلها.

وانتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو للفتاة التميمي، وهي داخل محكمة إسرائيلية، وبدا عليها ملامح التعب، واستكفت بالإجابة على سؤالٍ عن حالها بالابتسامة وهز الرأس.

وأشعل اعتقال عهد موجة تضامن واسعة معها على وسائل التواصل الاجتماعي، وانتشرت وسوم داعمة لها، وأطلق نشطاء عبر موقع العرائض والحملات العالمي "آفاز"، حملة لجمع مليون توقيع إلكتروني لمطالبة قوات الاحتلال بإطلاق سراح عهد.

وقال عنها الصحافي المصري طلعت إسماعيل "كوني ما تشائين، فقد أيقظت فينا ما كان راكداً، وتهرب البعض من امتشاق الحسام، فجئتِ أنت بصفعة كف قوي لتعري كل الخانعين الخائفين".

واستنكر شيخ الأزهر أحمد الطيب اعتقال الجيش الإسرائيلي للطفلة عهد، وقال "لا يمكن للأزهر أن ينسى الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال، حيث يشكلن عنوان النضال".

ودعا الطيب المنظمات الحقوقية إلى "القيام بواجبها في الدفاع عن التميمي والأسرى الفلسطينيين، الذين يكفل لهم القانون الدولي وكل الشرائع الدينية حق مقاومة الاحتلال من أجل تحرير أرضهم".