حالنا كحال أي بلد، لديه إنجازات، وتواجهه تحديات، وأحياناً قد يمر بمنعطفات صعبة، تستجلب حالات استياء شعبية.

هذه دورة طبيعية تجدونها في أي مكان، قد تكون أسبابها عائدة لظروف قاهرة مرتبطة بالعولمة وتغير العالم المتسارع، أو قد تكون أسبابها داخلية بناء على سياسات لا تحقق المرجو منها، أو سوء أداء وتصريف.

تحصل هذه الأمور، ويتأثر بها الناس، وقد يموج بسببها الشارع، فتجد ردات فعل تتفاوت في قوتها، ستجد محاولات للمعالجة، وقد تجد تجاهلاً وسعياً لتمرير الأمور ولو غضب الناس، وقد تجد بداية لحدث جلل ينتهي إما بسيناريو إيجابي أو آخر سلبي.

لكن وسط كل ذلك، المثير للملاحظة هي ردود فعل الناس وما تحمله من أبعاد، أخطرها تلك التي تكشف مكنونات الصدر الحقيقية.

في البحرين ترى ذلك بجلاء، في أي شأن يمس الناس، ويستجلب الاستياء، ترى من بين ظهراني الناس أشخاصاً يمارسون أسلوب «الشماتة» في الوطن، يستغلون الفرص لـ«معايرة» الناس بدولتهم وواقعهم، وبعضهم يتحدث بصوت واضح بأن «هذا ما تريدونه».

تزايدت هذه الأصوات أمام بعض الملفات الحساسة الهامة التي تفاعل معها المواطن البحريني وعبر عن استيائه أو غضبه، أو مارس بشأنها الانتقاد الذي يصل لمستوى القسوة، إما لائماً الحكومة، أو ناقداً لأداء النواب الذين انتخبهم، أو مناشداً الدولة نفسها أن تتدخل لتحسم الأمور بما يحفظ حقوق المواطن، هذه الأصوات تعمل بأسلوب «تأليب» الناس على الدولة، بهدف إثبات نقطة خبيثة مفادها بأن ما حصل قبل سنوات في البحرين، كان لا بد من الناس المعروفين بإخلاصهم لبلادهم وقيادتهم، كان لا بد من هؤلاء الناس الوطنيين الوقوف مع من دعا لإسقاط النظام، حتى تكون النتيجة مخالفة لما هي عليه الآن معيشياً!

هنا نقول للمخلصين من أبناء البحرين، وكثير منهم أصلاً واعون لهذه الممارسات الدنيئة، بألا تنخدعوا بهؤلاء، وألا تتأثروا بها. نعم مارسوا النقد المكفول لكم دستورياً، انتقدوا الحكومة والنواب، وخاطبوا الدولة وصارحوها بلا تردد، لكن لا يتحول لسانكم ومبعثكم لما يتفق مع أولئك الخونة والانقلابيين، الذين يريدون الترويج لفكرة أن النظام لو كان بأيديهم لكان الوضع أفضل.

هؤلاء «شامتون» بالوطن وأهله، ومن يشمت بوطنه لا يمكن اعتباره وطنياً أصلاً، وشواهد التاريخ تثبت أين يتجه ولاء هؤلاء، إذ هم أصلاً لا ولاء يملكونه للبحرين، وإلا لما قبلوا بالتضحية فيها. هم استخدموا الشعارات المعيشية كغطاء لهدف أعظم وهو الاستيلاء على المقدرات، حينها سيكون النتاج الذي يسعون إليه «دولة ولائية طائفية» خاضعة تحت أرجل خامنئي.

صرخوا أو لعلعوا، تحدثوا، فندوا، رفضوا، فعلوا أي شيء، لا تصدقوا الخائن مهما قال، فالهدف واضح ومعروف، هؤلاء لم تكن قلوبهم يوماً على البلد، نعم غرفوا منها واستفادوا واعتاشوا على خيراتها، لكن ولاءهم لها منعدم، وإلا لما باعوها لمرشد إيران.

اليوم هي محاولات استغلال لهموم المخلصين، وهنا على الوطنيين أن ينتبهوا لهذه الأفخاخ والألغام المزروعة بعناية، والرد على هؤلاء واضح، إذ من قال بأن الإصلاح بيد الوفاق وإيران؟! من قال بأن الديمقراطية الحقيقية لدى هؤلاء وهم أصلاً لا يملكون قرارهم، ولا ديمقراطية تمارس معهم، سوى الانصياع التام لخامنئي والولي الفقيه التابع له؟!

وحين تشمت يا هذا، أنفهم بأنك لست مع المواطنين البحرينيين في نفس الهم؟! هل تريد أن توهمهم بأن الوفاق الطائفية العنصرية إيرانية الهوى كانت تملك مفاتيح الجنة، وأنها الخطيرة التي ستحل مشاكل العجز الإكتواري والميزانيات والإسكان وغيرها؟! الحذاء يطابق رجل صاحبه، وصاحبهم خامنئي نهب من أموال الشعب الإيراني 95 ملياراً ويمضي لسرقة بقية ما يملكون.

من يشمت بالبحرين وبأي ظروف تمر بها، وبأي مواطن يعاني من سياسات أو قرارات، هذا شخص لا يستحق أن يسير على تراب البحرين، هذا شخص يتمنى الشر وأضعافه بأن يصيب البلد.

هؤلاء يلقمون بحجارة في أفواههم من المخلصين الوطنيين، فنحن لا نبيع أرضنا، ولا نرخص بقيادتنا، نقولها دوماً، العيش في بلادنا أحراراً مخلصين لهذا التراب حتى لو كانت مع منغصات وصعوبات، أشرف من العيش بعد بيعه لعنصريين وطائفيين وأعداء محتلين.

أبناء البحرين المخلصون واعون، ومن لم ينتبه عليه الانتباه، مارس حقك كاملاً في النقد والمطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد، لكن أيضاً لا تنسَ دورك في التصدي لخونة الأوطان وبائعي تراب البحرين الغالية، هؤلاء هم الشر الأعظم والأكبر، إذ مناهم ضياع الوطن، وحينما تضيع الأوطان تنتهي سيرة الشعوب وتنقلب حياتها وتصبح هشيماً تذروه الرياح.