حسن عبدالنبي

قال محافظ مصرف البحرين المركزي، رشيد المعراج إن المصرف يعتزم إصدار مجموعة تشريعات جديدة لتعزيز قواعد متطلبات الحوكمة والامتثال وكفاية الموارد والأدوار والمسؤوليات ذات الصلة بامتثال مجالس إدارة المؤسسات والشركات المالية وإداراتها التنفيذية في منتصف العام 2018.

ولفت في تصريحات صحافية على هامش القمة الثانية عشرة للهيئات التنظيمية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى إن القضايا الأساسية لحوكمة الشركات المتعلقة بالأخلاقيات والثقة والنزاهة والامتثال هي عناصر أساسية لبيئة تشغيل آمنة وسليمة حتى بعد تشديد القواعد وتعزيز المشاركة التنظيمية في جميع المجالات.



وأوضح أن المصرف يستهدف استكشاف طرق جديدة لتسهيل عملية الالتزام لدى البنوك وتقليل كلفة امتثالها من خلال الخدمات الإلكترونية، دون المساس باتباع معايير الالتزام الدولية.

وقال إن التشريعات الجديدة تهدف لزيادة وتعزيز الإطار للامتثال الحالي واتباع إجراءات قوية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وعدم التسامح مطلقا مع الموقف المتداعي في هذا المجال.

وأشار إلى أن مصرف البحرين المركزي أخذ مسألة الامتثال للأنظمة محمل الجد، حيث سيقوم المصرف قريباً بإصدار منهجيته الخاصة بالعقوبات المالية ضد المخالفات الخاصة بعدم امتثال المؤسسات المالية بأنظمة الحوكمة.

وكشف المعراج أن مصرف البحرين المركزي بصدد إصدار تحسينات جديدة للقواعد التي تغطي متطلبات الامتثال للأنظمة خلال النصف الأول من العام الجاري 2018، بما فيها الهيكلة وإعداد التقارير وكفاية الموارد والامتثال بالقوانين ذات الصلة وتحديد مسؤوليات مجالس الإدارة والمدراء التنفيذيين وغيرها من كوادر، وذلك بما يعزز إطار عمل الامتثال بالأنظمة والقوانين.

وأكد المعراج أن مصرف البحرين المركزي سيواصل تعزيز إجراءاته الخاصة بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، دون ترك أي مجال لتهيئة أي موطن ضعف في هذا الشأن.

وبين أن مصرف البحرين المركزي يقوم من وقت إلى آخر بمراجعة أنظمته والاستفادة من المراجعة في تحديد الثغرات إن وجدت نظراً لتعقيد بعض المعاملات وتطبيق ممارسات عالمية جديدة وتطور الأمور إقليميا ودوليا.

وقال: "دائماً نسعى لأن نكون عند مستوى متقدم في هذا المجال. كل ما يتعلق بأنظمة الامتثال بالممارسات والمسؤوليات والأنظمة وكفاءات الأشخاص القائمين على هذا الأمر يمر في تطوير مستمر".

وأكد أن البحرين شهدت قيام الكثير من البنوك بإعادة هيكلتها مع خسارة بعض الوظائف نتيجة للبيئة العالمية المتغيرة، مع تغير النظام الذي يحكم عمل البنوك على مستوى عالمي، وبالتالي قامت المصارف المحلية بإحداث تغييرات في أجهزتها ونظام عملها وسياساتها.

وذكر أن الاقتصاديات العالمية مرت بمرحلة ركود لفترة لا بأس بها وتكبدت على إثرها البنوك خسائر ضخمة، ولكن مع نهاية العام الماضي 2017 أصبح هناك بوادر لنمو اقتصادي، خاصة في الدول التي عانت من انكماش اقتصادي ، وبدأت أوروبا بالنمو بمعدلات لا بأس بها ، فيما زادت أمريكا من معدلات نموها بشكل أكبر إلى جانب تحسن بعض الدول النامية في أمريكا اللاتينية وتمر بمرحلة أفضل من السابق.

وعن العقوبات المفروضة على المخالفين لأنظمة الحوكمة في القطاع المصرفي، قال المعراج: "نحن لا نستخدم العقوبات أو الغرامات إلا في الحالات التي حددها القانون، فإذا كان هناك مخالفات جسيمة ومتكررة نحاول دائماً مع المؤسسات المالية أن يكون هناك امتثال وتطبيق لنظام حوكمة جيد، بحيث يؤخذ بعين الاعتبار المتطلبات القانونية والتشريعية والأنظمة المقرة من المصرف المركزي ويتم تطبيقها بحذافيرها، أما في حالات التراخي والمخالفات المتعمدة نستخدم السلطات القانونية حسب ما جاء في القانون".

وبين في كلمته خلال القمة الثانية عشرة للهيئات التنظيمية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إن البنوك العالمية تكبدت خسائر قدرها 250 مليار دولار كغرامات وعقوبات بسبب عدم امتثالها للأنظمة ولقواعد الحوكمة المؤسسية وأخلاقيات العمل المؤسسي، حيث اضطر أكبر 10 مخالفين على مستوى العالم لدفع حوالي 180 مليار دولار كخسائر.

وأكد المعراج أن الأزمة المالية العالمية في العام 2008 وتبعاتها أثبتت للجميع أن تجاهل الامتثال للأنظمة وللحوكمة المؤسسية سيورط القطاع المصرفي والمؤسسات المالية في مأزق كبير ذو عواقب وخيمة.

وأفاد بأن تبعات وتكاليف عدم الامتثال للأنظمة لا تقتصر على الجانب المالي ، بل تشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية ، مما ترتب على البنوك العالمية القيام بتغييرات مؤسسية وحوكمية استراتيجية في السنوات العشر الأخيرة، مما نجم عن ذلك خسارة مئات الآلاف لوظائفهم مع الانسحاب من عدة أسواق وتقليص الإنفاق والفروع وغيرها من مصروفات تشغيلية وإدارية.

وتناقش القمة على مدى يومين القمة التحديات الرئيسية التي تواجهها المؤسسات والشركات المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجال تطبيق المعايير الدولية ومكافحة الجرائم المالية وتعزيز ثقافات الامتثال الداخلية المتينة.

ووفقاً لتقرير تومسون رويترز حول الجرائم المالية لعام 2017، أشار 65% من المستطلعين إلى أنهم زادوا بشكل كبير الإنفاق على أنشطة الامتثال خلال العامين الماضيين، ما يكشف عن استمرار تصاعد الضغط على الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتعزيز أنشطة الامتثال. وتتماشى هذه الإحصاءات مع نتائج التقرير العالمي لتكلفة الامتثال لعام 2016، الذي أظهر تباطؤ الإنفاق على الامتثال في جميع أنحاء العالم، باستثناء منطقتي الشرق الأوسط وآسيا اللتين شهدتا نمواً بالإنفاق على الامتثال.

ومن المجالات الأخرى التي تبعث على القلق لدى المديرين التنفيذيين من الصف الأول، التحدي المتمثل في مواكبة التكنولوجيات الجديدة والناشئة لمكافحة الجريمة المالية. حيث يتوقع 89% من المستطلعين أن تتطور التكنولوجيا المستخدمة من قبلهم بشكل متزايد، في حين يتوقع 63% أن ترتفع تكاليف الامتثال لديهم. ومن الجدير بالذكر أنه إلى جانب التحديات التي تواجه تطبيق هذه التقنيات الجديدة بشكل فعال من حيث الكلفة، فإن 56% فقط من المشاركين بالاستطلاع أبدوا ثقة عالية في قدرة برامجهم المتعلقة بالجرائم المالية على تحقيق أهدافهم المتعلقة بالامتثال.

وقال مدير عام تومسون رويترز في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نديم نجار: "لقد شهدنا تقدماً مذهلاً في استخدام التقنيات الصاعدة مثل تقنية بلوك تشين، والذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي والبيانات الضخمة، لمكافحة الجريمة المالية. وخلال السنوات القادمة، نتوقع أن يزداد تطبيق هذه التكنولوجيات الجديدة بشكل كبير، الأمر الذي سيتطلب استثمارات مؤسسية في النظم والأدوات، فضلاً عن التدريب والتطوير".

وأضاف نجار: "تومسون رويترز تقف على مفترق طرق بين التنظيم والتكنولوجيا، ونتطلع إلى المشاركة في استضافة هذه القمة من أجل زيادة الإدراك والوعي حول تأثير التنظيم العالمي والمحلي، الذي يدعم الحرب المستمرة ضد الجريمة المالية وإحداث تغيير ثقافي داخل القطاع".