في هذا الزمان الصعب الذي نعيش فيه، ووسط التحديات المحدقة بنا التي تواجهنا وتهدد استقرار وطننا، وفتن ومحاولات مستمرة لتجريدنا من أرضنا ومملكتنا التي ولدنا وتربينا فيها ومن قبلنا آباؤنا وأجدادنا، في وسط كل تلك المخاطر، يقف هذا الشعب شامخاً بانتمائه الوطني لهذه الأرض الغالية، متحدياً تلك الرياح القادمة من الشرق أو الغرب فلا يهم مصدرها، ولكن الأهم أن هذا الشعب الأبي الكريم كلما تعرض لمواقف صعبة نجده متلاحماً، متماسكاً، مقاوماً ومتمسكاً بانتمائه لوطنه، وبقيادته الحكيمة وبعروبته ودينه.

تلك السطور استوحيتها من جملة قالها معالي وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة قبل أيام خلال كلمة ألقاها في حفل للوزارة بمناسبة مرور 13 عاماً على إعلان يوم الشراكة المجتمعية، ولاتزال راسخة في ذهني حيث قال: «الأمن واحد ولمصلحة الجميع».. انتهى.

نعم.. أمن الوطن ليس لأحد دون أحد، فلا يمكن تقسيم هذا الأمن لأنه للجميع، لكل من يعيش على هذه البلاد، بغض النظر عن أي شيء آخر، الأمن في أي وطن هو من أكبر النعم التي يمن الله بها على عباده، فلا استقرار ولا تقدم وازدهار لوطن من دون أمن، ولنا في بعض الدول القريبة خير مثال، فعندما فقدوا أمنهم فقدوا كل شيء، وهذا الأمن يستدعي من أبناء الوطن الوقوف صفاً واحداً ضد كل من يحاول زعزعته وسلبه منهم، ولن يُحفظ أمننا بعد حفظ الله إلا بانتمائنا لوطننا الذي بتمسكنا به تتكسر كل محاولات النيل منه ومن أمنه واستقراره، ولقد استشهد وزير الداخلية خلال كلمته ببعض المواقف الصعبة التي تعرض لها وطننا، ولكن انتماء هذا الشعب لوطنه ولقيادته حال دون تحقيق الأهداف والنوايا الشريرة الآتية من جهات من خارج الوطن حصدت الخيبة والفشل.

ولا شك في أن مبادرة الانتماء الوطني التي أطلقها وزير الداخلية في يناير الماضي وترجمت إلى واقع من خلال الإعلان عن لجنة تعزيز الولاء الوطني وترسيخ قيم المواطنة، سوف تعزز من انتمائنا الوطني وترسخ مفهوم الشراكة المجتمعية التي جاءت برغبة ونظرة ثاقبة للمستقبل من حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وترجمت من خلال فكرة تشكيل الشرطة المجتمعية قبل نحو 13 عاماً، وعبر جهود ملموسة وكبيرة لوزير الداخلية ومنتسبي الوزارة، ولقد كان للشرطة المجتمعية خلال أزمة 2011 الدور الكبير والبارز لإدراك عمق هذا الجهاز الذي يؤصل التعاون والشراكة الحقيقية بين الشرطة كجهاز أمن داخلي والمواطن، حيث كان ولايزال لتعاون هذين الطرفين الأثر البالغ في حفظ الوطن وتقوية جبهته الداخلية أمام الشر الكبير الذي كان يراد به وللشعب.

لا أعتقد أن لجنة تعزيز الولاء الوطني وترسيخ قيم المواطنة ستواجه صعوبة في عملها، لأن البحريني وبالفطرة لديه كل الولاء والانتماء لهذا الوطن ولقيادته الحكيمة، ولكن وجود هذه اللجنة سيعزز من روح المواطنة، خاصة وأن عملها قائم على استراتيجية وأهداف علمية مدروسة، مستندة على جذور قوية تتمثل في حب المواطن لوطنه والذود عنه وترسيخ قيم الهوية والانتماء الوطني التي تعد أحد مرتكزات المشروع الإصلاحي الشامل لحضرة صاحب الجلالة، عاهل البلاد المفدى، وترسيخ تلك القيم مسؤولية الجميع ابتداءً من الأسرة، لتأكيد الولاء والانتماء للقيادة وللوطن.

اللجنة مطالبة فقط بالتعمق أكثر وتقديم الدراسات العلمية الحديثة في ما يتعلق بالتأكيد على الهوية والانتماء الوطني وفق تجارب واقعية سواء محلية أو خارجية، أما الباقي فهو متروك للشعب الوفي بطبعه والمنتمي بفطرته لهذا الوطن ليرتقي ويعزز من هذا الانتماء والوفاء، وطبعاً بما أن وزارة الداخلية هي صاحبة المبادرة في هذا الموضوع فبالتأكيد ستكون خير سند ومعين لهذه اللجنة المهمة.