واشنطن - (أ ف ب): استهدفت الولايات المتحدة الجمعة الدائرة المقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة حيث قررت فرض عقوبات على 7 من اكثر الشخصيات نفوذاً في روسيا، ما يساهم في تأجيج الأزمة الدبلوماسية التي وصفها البعض بحرب باردة جديدة.

وقال مسؤولون أمريكيون رفيعو المستوى إن رجال الأعمال الأثرياء الروس الذين شملتهم العقوبات من "دائرة بوتين المقربة" مشيرين إلى احتمال تجميد أي أصول يمتلكونها في مناطق خاضعة لسلطة الولايات المتحدة القضائية.

وبين الذين شملتهم العقوبات قطب تجارة المعادن أوليغ ديريباسكا الذي يعتقد انه يعمل لصالح الحكومة الروسية، إضافة إلى مدير شركة الغاز الروسية العملاقة "غازبروم" أليكسي ميلر.



كما تضم القائمة سليمان كريموف الذي يخضع للتحقيق في فرنسا بسبب ادعاءات بإدخاله ملايين اليورو نقدا في حقائب، وكيريل شمالوف الملياردير الذي يقال انه صهر بوتين.

كما شملت العقوبات "روسوبورونكسبورت"، الشركة الروسية الحكومية المصدرة للأسلحة والتي تعد أداة رئيسية في جهود بوتين لدعم تحديث جيشه من خلال بيع المعدات العسكرية المتقدمة في أرجاء العالم.

وفي المجمل، استهدفت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب 7 من أفراد الطبقة الثرية النافذة في روسيا و12 شركة يملكها أو يسيطر عليها هؤلاء إضافة إلى 17 مسؤولا روسيا رفيعا والشركة الحكومية لتصدير الأسلحة.

وقال احد المسؤولين الأمريكيين إن "الولايات المتحدة تتخذ هذه القرارات ردا على النهج الوقح المستمر والمتزايد للحكومة في القيام بأنشطة خبيثة حول العالم".

وذكر بين تلك الأنشطة "احتلالهم المستمر لشبه جزيرة القرم وإثارة العنف في شرق أوكرانيا ودعم نظام "الرئيس بشار" الأسد في سوريا (...) والأنشطة الخبيثة المستمرة عبر الإنترنت".

وقال إن "الأهم من ذلك كله هو الرد على الهجمات الروسية المتواصلة لتقويض الديمقراطيات الغربية".

ورحب الداعون إلى التصدي للكرملين بالخطوة الأمريكية.

وكتب بيل براودر، المتمول البريطاني المولود في الولايات المتحدة الذي قتل محاميه سيرغي ماغنتسكي في سجن روسي بعد احتجاجه على احتيال ضريبي، في تغريدة على تويتر أن واشنطن "تضرب أخيرا بوتين ورجاله في المكان الذي يؤلمهم".

وقال المحلل الروسي بوريس زيلبيرمان من "معهد الدفاع عن الديمقراطيات" للدراسات إن العقوبات قد تجعل حلفاء بوتين يستنتجون انه "إذا لم يحدث تغيير في سلوك الكرملين، فإنهم سيعانون، كما أن قدرتهم على الاستمتاع بغنائم فسادهم ستتعطل".

واتخذت الإجراءات بموجب قانون أمريكي تم تمريره لمعاقبة روسيا على خلفية اتهامها بالتدخل في سير الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016 وشن هجمات عبر الإنترنت والتدخل في أوكرانيا وسوريا.

لكن إعلان يوم الجمعة يأتي في وقت تواجه واشنطن وحلفاؤها أزمة دبلوماسية جديدة مع الكرملين على خلفية تسميم عميل سابق روسي مزدوج على الأراضي البريطانية.

ووقع ترامب على مضض على "قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات" في أغسطس العام الماضي رغم إصراره على أن بنوده تتضمن "خللا كبيرا" كما انه يقوض صلاحياته في قيادة السياسة الخارجية.

ولطالما نفى الرئيس الحديث أن تكون نشاطات موسكو عبر الإنترنت ودعايتها الإعلامية ساهمت في فوزه في الانتخابات، بموازاة سعيه إلى توطيد علاقاته ببوتين.

لكن الكونغرس أصر على مسألة التدخل الروسي، مستندا إلى أدلة من الاستخبارات الأمريكية. وفي مارس، فرضت الإدارة عقوبات على 19 كيانا روسيا لشنهم "هجمات إلكترونية خبيثة".

وبالتوازي، وجه المدعي الخاص روبرت مولر الذي يحقق في مسألة التدخل الروسي بالانتخابات الأمريكية اتهامات لـ19 شخصا بينهم 13 مواطنا روسيا في وقت رجحت تقارير بأن يطلب استجواب ترامب شخصيا.

وأكد مسؤولون أمريكيون أن تحركهم ضد أصحاب النفوذ الروس مرتبط جزئيا بقضية التدخل الروسي في السياسة الأمريكية لكنهم أصروا على أن الأمر لا يقتصر على ذلك.

وقال وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين إن "الحكومة الروسية تعمل لصالح الأوليغارشية والنخبة الحكومية".

وأوضح أن "الأثرياء النافذون وأفراد النخبة الروسية الذين استفادوا من هذه المنظومة الفاسدة لن يعود بإمكانهم النأي بأنفسهم عن عواقب أنشطة حكومتهم المزعزعة للاستقرار".

وما ساهم في تدهور العلاقات إلى مستوى الحرب الباردة تسميم عميل مزدوج روسي سابق على الأراضي البريطانية الشهر الماضي.

ويتعافى سيرغي سكريبال وابنته يوليا في المستشفى من الهجوم عليهما بمادة سامة للأعصاب، غير أن مسؤولين في بريطانيا وحليفتها الولايات المتحدة يقولون انه تم تسميمهما بغاز "نوفيتشوك" السوفياتي الابتكار وأن الاستخبارات الروسية هي الوحيدة القادرة على استخدامه.

وردت إدارة ترامب بطرد 60 دبلوماسيا روسيا اتهمتهم بالتجسس عليها، وردت روسيا بالمثل.

ولم يرد رد فعل فوري من موسكو على العقوبات الجديدة، إلا أنه من المتوقع أن يغضب الكرملين لهذه الخطوة التي يمكن أن تقوض الدعم لبوتين بين أغنى مؤيديه.

وردت شركة روسوبورونكسبورت لتصنيع الأسلحة على العقوبات بقولها "إن استهداف هذه الشركة يؤكد الهدف الحقيقي للعقوبات.. وكل هذا الحديث الكبير والاتهامات مجرد مبرر لإخراج روسيا من سوق السلاح العالمي.. وهذا نوع من المنافسة غير النزيهة".