يعتقد الكثير من «شباب اليوم» أن الزواج عبارة عن «تكملة» حتمية للعادات والتقاليد، أو في أحسن الأحوال يعتقدون بأنه عبارة عن مشروع اجتماعي يكلل في نهاية المطاف بمنزل أحلام ووظيفة ومجموعة من الأولاد، وهناك من يؤمن أن الزواج هو الطريق الأمثل «للتكاثر والتناسل»، ولهذا نجد هذه الشريحة من الشباب الذين يفكرون بهذه الطريقة المؤذية هم أكثر الناس عرضة للمشاكل والأزمات الأسرية والاجتماعية التي تنهي مسيرتهم الزوجية في أروقة المحاكم بالطلاق والانفصال التام.

حين يؤمن الشاب والشابة بأن الزواج هو عقد اجتماعي أو تجاري يتم بين طرفين بالتراضي فإن كل ما سيأتي بعد هذا التفكير سيقودهما للهاوية، فلا يمكن أن يُكتب النجاح لعلاقة أسرية محترمة ومقدّسة تقوم على فكرة «الإنجاب» فقط، فإذا اعتقد أحد أطراف الزواج أو كِليهما بأن الزواج هو المشروع الأول لزيادة النسل البشري والتباهي بأعداد الأولاد دون مراعاة أهم القضايا المتعلقة بهذا العقد الإنساني المتقدم كالتربية المتطورة وإنشاء جيل من المتعلمين والفاعلين في المجتمع لبناء دولة وحضارة فإن كل ما يمكن أن يقال عن هذا الأمر بعد ذلك لن يؤدي للنتيجة المرجوة من الزواج.

وقت أن يفشل الأزواج في فهم هذه الصِّيغ المتطورة لمشروع الزواج الناجح فإن كل شيء يصدر من تحت عباءته سيكون غير ذات معنى. فالأزواج الذين يفكرون بطريقة مسابقات «ماكينات التفريخ» لزيادة غلَّة الأطفال داخل الأسرة الواحدة هم أكثر الناس فشلاً في تحقيق أهداف الزواج الحقيقي، إذ أنهم وبتفكيرهم هذا سيخلقون في أوساطنا جيوشاً من المتسكِّعين والفوضويين داخل المجتمع، وبهذا، فلا استطاعوا تحقيق أهداف الزواج ولا استطاعت الدول الإستفادة منهم سوى أنها قامت «تعلف» على أكراشهم من ميزانيتها التي تحققت بفضل الناس العاملين المكافحين.

ليس هذا الأمر فقط هو نتاج الزيجات الفاشلة وحسب، بل أن كل ما سيأتي بعد الإنجاب من تصدير للجيوش الكبيرة من الفاشلين في كل مناحي الحياة من خلال سوء التربية والخلق وضياع فرص التعليم والبناء والعطاء، إضافة للضياع الكبير الذي سيلاحق هؤلاء الصغار ليتحولوا في نهاية المطاف إلى مشاريع إرهابية وغيرها بسبب شاب أخرق وفتاة هوجاء كانا يعتقدان بأن الزواج عبارة عن تقليد اجتماعي متوارث من الآباء والأجداد وليس مشروعاً لبناء نهضة إنسانية رائدة متقدمة.

إن كل ما تجدونه اليوم أمام أعينكم من فوضى ومآسٍ وانفلات في مجتمعنا اليوم هو بسبب فشل الزيجات القائمة على سَّطحية التفكير وعلى فكرة التكاثر لأجل التكاثر، فالأطفال الذين لم يتحصَّلوا على قدر كافٍ من التربية والاهتمام والرعاية سيكونون «قنابل موقوتة» في وجه الناس وكل الحياة، وهذا أسوأ ما يمكن أن يقال عن مشروع زواج فاشل مشوَّه لم تُكتمل أركانه حتى بعد قيامه.