لم أتبين لماذا كان أحد الضباط الأمريكان من رجال الحرب الباردة يناديني "Oscar" ونحن في قاعدة لاكلاند الجوية في تكساس بخريف 1979 حتى وجدته ينادي الكابتن البحري التركي عاطف فيجيب نداءه، ويوضح لي أن معناها "عسكر"و هم اسم ينادي به العسكر الأمريكان زملاءهم الاتراك؛ مثل تسميتهم للفيتناميين تشارلي"Charlie" والعراقيين حاجي"Hadji "؛ فيما يدعوهم العالم كله "Yankee" حتى ولو كانوا من ولاية جورجيا الجنوبية التي تكره اليانكي من أهل الشمال،اما دونتس" Doughnuts" فهو الاسم الذي وجدتهم يسموننا به في الخليج ربما بسبب العقال ،وربما بسبب حلاوة مذاقنا !!

كان Oscar اسماً يعتمد عليه،حين كانت أنقرة في الدورة الدموية العسكرية لأمريكا، فقد كان ولا يزال الجيش التركي هو أكبر جيش بري يمكن أن يقف حامياً لأوروبا الغربية ضمن الناتو، فما الذي أوصل الحليفين لوضع لا يُثلج الصدور، وكيف وصلت قامات سياسية وعسكرية لاتخطئها عين ‏في كلا البلدين إلى القيام بإجراءآت كالقرار التركي/الأميركي بفرض عقوبات على وزا في كلا الحكومتين !! قد تكون قضية القس الأمريكي محركاً مؤقتاً للأحداث وكأن هناك يداً خفية لإلحاق الضرر بعلاقات البلدين،وقد يصل التدخل الشيطاني قتل القس، وهو شعور راود الأمن التركي فحشد التدابير الأمنية حوله، فالإدارة الأمريكية أصبحت تحت سيطرة الإنجيليين وهو منهم؛ ومنهم أيضاً نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس ذوالتعصب الديني المفرط الذي أدى لنقل السفارة الأمريكية للقدس. لكن الدور العسكري في الأزمة عاد للواجهة حيث لم يرحب الأتراك بزيارة الجنرال سكاباروتي " Scaparrotti" قائد الناتو في أوروبا، وقائد القوات الأمريكية في أوروبا، لمقر قيادة الناتو؛لأنها في أزمير ولآن القس الأمريكي برانسون المتهم بالتجسس خاضع للإقامة الجبرية في إزمير.

في تقديرنا أن الدور العسكري لتركيا هو المحرك الحقيقي لعلاقات أنقرة بكل جوارها الإقليمي، والخلاف الراهن كان مخططاً له مسبقاً وليس وليد اللحظة ، فالطموح التركي خارج العقال الأمريكي في الشرق الأوسط مثير، وأردوغان عارف ومدرك للأكلاف المترتبة. وهو يريد أن يكون موازناً عسكرياً لإيران وإسرائيل، ومتفوقاً على غيرهم، ومسؤولاً أمام القوى الدولية بدرجة ما عن أمن الشرق الأوسط وجمع الأهداف الثلاثة -وهي أهداف لكل الدول الإقليمة الكبرى - لن تتحقق إلا بإعادة تعريف تركيا لنفسها بالغازي بدل التاجر، أو بكلاهما. فالتعاون الكردي الأمريكي تحدٍ عسكري، والخلاف حول صفقة بطاريات S-400 وطائرات F-35 تحدٍ عسكري، وماجمع إيران وروسيا وتركيا في سوريا هو تحدٍ عسكري لواشنطن.

بالعجمي الفصيح

في 1964 منع الرئيس جونسون انقرة تحت حكم عصمت إينونو من التدخل لحماية القبارصة الأتراك، مهدداً بتركهم لقمة للسوفيات.لكن الرئيس فخري كوروترك تحدى الأمريكان خلال “عملية السلام في قبرص” ونزلت القوات التركية بقبرص 1974 ففرض نيكسون حظرلتصدير السلاح لهم حتى 1978. وفي تقديرنا أن سقف التصعيد بين البلدين ليس ببعيد، وسيقود عسكر البنتاغون التقارب لمنع تقارب عسكري مضاد مع موسكو وطهران.