منذ إن وعينا ونحن نسمع بشكل متكرر عن وصول القضية الفلسطينية لطاولة مفاوضات، ‏لنكتشف أنها كانت تصل لطاولة تنس تتعرض خلاله للضرب من كلا الجانبين. ورغم الضرب إلا أن هناك ‏من يخفف ما تتعرض له القضية بالقول إن دبلوماسية تنس الطاولة بين بكين وواشنطن كان لها تأثيرها ‏في تحسن العلاقات بين البلدين في السبعينيات.‏

‏وفي الأيام القليلة الماضية ظهر ما يشي بضجر العالم من أزمة الشرق الأوسط، وأن هناك من ينظر ‏للصراع العربي الصهيوني كدورة تاريخية اكتملت ثم انتهت. وثمة مؤشرات قد تقرأ لصالح هذا التحليل، ‏بل أن هناك من يذهب إلى أن الأمر لم يعد مجرد تحليلات مبنية على مؤشرات عمانية وفرنسية ‏وأمريكية وفلسطينية متناثرة، بل أكثر، ولعل آخرها لقاء مرتبك على آخر حدود جزيرة العرب المرتبكة حيث زار نتنياهو ‏مسقط في زيارة سبقتها زيارة لعباس، لكن حركة فتح وصفت زيارة نتنياهو بنسف لمبادرة السلام العربية ‏القائمة على أساس الأرض مقابل السلام الشامل، ومن ثم إقامة العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل. ‏وفي ذلك تجاهل لتصريح يوسف بن علوي حين قال «ليس لدينا خطة محددة في هذا الشأن، إنما نحن ‏نقدم ما نسميه التيسير» مما يعني أن دولة عربية قد ضجرت بعدم تفعيل مبادرة السلام العربية وإن لم ‏تضع خطة بديلة لها.‏

المؤشر الفرنسي هو في ما قاله المسؤول في وزارة الخارجية الصهيونية ألون أوشبيز للجنة في الكنيست: إنه في ‏حال لم يقم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بطرح خطته للسلام الإسرائيلي-الفلسطيني في الشهر المقبل، ‏فإن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيطرح اقتراحاً خاصاً به. وقد أوعز ماكرون لوزارة خارجيته في ‏أواخر أغسطس بدراسة أفكار لإنهاء الصراع.‏

أما المؤشر الأمريكي فسيظهر مدى صدقه في النصف الأول من الشهر القادم .ففي 6 نوفمبر ستجري ‏انتخابات التجديد النصفي، وهي الانتخابات التي يتوقع بأن يحقق الديمقراطيون فيها مكاسب في ‏الكونغرس وهو أمر ليس في صالح إسرائيل ولا في صالح ترامب الذي سيضطر حينها إما بعرض خطته‏‏ «صفقة القرن» التي طال انتظارها، أو الوفاء بوعده لماكرون بالضغط على رئيس الوزراء ‏نتنياهو لقبول مبادرة سلام، حيث سيلتقي ترامب ونتنياهو في 11 نوفمبر في باريس للمشاركة في ‏مراسم الذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى. ‏

أما المؤشر الأخير فهو فلسطيني التفاصيل، فبعد أن أوصل صمود حماس إلى تفاهم استراتيجي كبير مع الصهاينة، ‏صمد عباس من جهته كرئيس للسلطة في وجه الضغوط الأمريكية، حيث تم تهميش دور واشنطن ‏في القضية الفلسطينية بعد قطع التمويل الأمريكي عن «الأونروا» وخلق توازن دولي غطى العجز ‏الذي واجهته المؤسسة الأممية بعد جمع تعهدات بقيمة 320 مليون دولار. ‏

* بالعجمي الفصيح:

يكبل إرث الأجيال الراحلة نظراءهم الأحياء، لكن الضجر من الإرث الفلسطيني ‏يبقى أفضل من تبني الحلول العجولة بمجاملات دبلوماسية وليس تحرك استراتيجي محكم.

* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج