بغداد – وسام سعد

دخلت التظاهرات واسعة النطاق التي انطلقت في جنوب العراق أسبوعها الثاني. وتصاعد الغضب الشعبي إلى حد إشعال النار في مكاتب الأحزاب السياسية. فيما قال متظاهرون لـ"الوطن" إن الشارع في حالة غليان نتيجة الممارسات الإيرانية التي استمرت منذ أعوام بإطلاقها مياه البزل المالحة إلى شط العرب الامر الذي أثر سلباً على المزروعات في المحافظة، مشيرين إلى أن التظاهرات بلغت حد الانتفاضة وأن الرفض يطال كل الطبقة السياسية الموجودة الآن.



وركّز المحتجون على القطاع النفطي بشكل أكبر من خلال استهداف المنشآت النفطية باقتحام مكاتب شركة نفط الجنوب في البصرة والسيطرة عليها وإغلاق الطرق المؤدية إلى مصافي النفط ونصب الخيام قرب حقول النفط تعبيراً عن الاحتجاج على عدم استفادة مواطني المحافظة من الثروات النفطية مع إقرار الدستور العراقي بحصة المحافظات المنتجة للنفط من الإيرادات.

ونفذت السلطات الأمنية العراقية الثلاثاء حملة اعتقالات واسعة طالت عدداً من الشباب في البصرة على خلفية الاحتجاجات المستمرة التي تشهدها المحافظة الواقعة جنوبي البلاد.

وقال ناشطون محليون إن الاعتقالات شملت عدداً كبيراً من الشبان حاولوا إقامة تجمعات في بعض أحياء مدينة البصرة بعد أيام من مواجهات وصدامات أسفرت عن سقوط جرحى.

واتخذت الأجهزة الأمنية سلسلة إجراءات بينها حظر التجول واستنفار قوات الشرطة في البصرة وغيرها من المحافظات الجنوبية التي امتدت إليها المظاهرات وسط تصاعد الغضب الشعبي.

وأكد الناشط المدني في محافظة البصرة خليل عباس لـ"الوطن" أن الشارع البصري في غليان مستمر ضد الممارسات الإيرانية التي استمرت منذ أعوام بإطلاقها مياه البزل المالحة إلى شط العرب الأمر الذي كان له الأثر السلبي على المزروعات في المحافظة. وكان آخر الاستفزازات قطع الكهرباء عن المحافظة.

وأضاف عباس أن إيران تتعمد ايذاء محافظات الجنوب من خلال هذه الممارسات وأن المظاهرات اتخذت نكهة سياسية معادية لإيران حيث حول المتظاهرون كثيراً من غضبهم ضد الأحزاب الشيعية التي هيمنت على السياسة العراقية منذ العام 2003 وكذلك ضد إيران التي تحالفت بشكل وثيق مع المؤسسة السياسية الحكومية.

وقال متظاهر آخر من المحافظة ذاتها هو أيمن كاظم لـ"الوطن" إن "هذه التظاهرات تختلف عن سابقاتها فقد بدأت تصل إلى حد الانتفاضة بسبب النقص الكبير للخدمات الذي باتت المحافظات العراقية معه تعيش خارج التاريخ حيث الفقر والفساد يسحق تلك المناطق، ما دفع الناس إلى الانتفاضة وقد تصل إلى حد العنف كما حصل في بعض المناطق ونتوقع إذا ما لم تكن لدى الحكومة حلول فإن الوضع سيصل إلى قلب الطاولة على الأحزاب السياسية".

وفي محافظة ذي قار، أكد الناشط محمود حيدر لـ"الوطن" إن جنوب العراق ليس أفضل من الوسط أو الغرب والشمال كما تتصور بعض وسائل الإعلام ذلك انطلاقاً من أن النظام في العراق طائفي وأن معاقل الأحزاب والمسؤولين هو الجنوب.

وأضاف حيدر "لا ماء ولا كهرباء والفقر بلغ مستويات مرتفعة والبطالة زادت ومن يريد أن يعمل عليه أن يصبح عضواً في مليشيا أو حزب إسلامي".

وقال متظاهر آخر من نفس المحافظة هو أبو أحمد، الذي فضل عدم كشف اسمه كاملاً، "إننا نريد التغيير ومن المعيب أن نعود مرة أخرى لبيوتنا دون أن نغير شيئاً ولو بسيطاً. لقد أنهكونا بالديون وهم يعيشون في نعيم ونحن في أسفل المراتب منذ 15 عاماً ولا شيء سوى الوعود الكاذبة".

وفي محافظة واسط التي شهدت مظاهرات مماثلة ضد الفقر ونقص الخدمات، أكد المراقب السياسي عبود هادي أحد المشاركين في التظاهرات لـ"الوطن" إن "الحكومات العراقية عجزت عن تقديم الخدمات والطبقة السياسية بجميع مفاصلها فشلت في إدارة البلد على جميع المستويات السياسية منها والخدمية والاقتصادية ولا نتوقع أن تخرج الحكومة بحلول جذرية وواقعية فهناك رفض واضح للطبقة السياسية الموجودة الآن".

وأضاف هادي أن العراقيين يوجهون لومهم للحكومة بما في ذلك العبادي والعديد من السياسيين الآخرين بسبب عدم توفير فرص العمل وتهتك البنية التحتية وعدم تحسين الاقتصاد فيما تنتشر ادعاءات الفساد على جميع مستويات الحكومة كما أن العلاقة بين العديد من النخب الحكومية مع إيران عمّقت الاستياء الشعبي من هذه الطبقة.

وفي العاصمة العراقية بغداد التي شهدت تظاهرات مؤيدة للجنوب احتجاجاً على الفساد الإداري والمالي ونقص الخدمات وتفشي الفقر بين طبقات المجتمع العراقي، قال الناشط المدني صلاح عبد الله لـ"الوطن" إن "تصاعد الاحتجاجات الشعبية جاء بعد أن وصلت الأوضاع في البلاد إلى حال مأسوية بسبب انعدام الخدمات وتفشي البطالة والفقر وانعدام الأمن وفشل الحكومة عبر ثلاث دورات انتخابية في تحقيق التحسن الاقتصادي والاجتماعي رغم حجم الأموال الهائلة التي تدخل الميزانية العراقية وتجاوزت الألف مليار دولار".

واضاف عبد الله أن "الحكومة لم تتمكن من وضع استراتيجية للنهوض بالقطاعات الاقتصادية والزراعية والتعليمية والصحية ما تسبب في تراكم المشكلات حتى بات من المستحيلحلها بوقت قصير ومنها مشاكل الكهرباء والصحة ومياه الزراعة وترافق كل ذلك مع وعود حكومية بتحسين الأوضاع في بداية كل حكومة جديدة منذ العام 2005 لكن إلى يومنا هذا لم يتحقق منها شيء".