العين الإخبارية

التحقيق مع زعيم إخوان تونس راشد الغنوشي يشي بأن القضاء التونسي فتح ملفات التنظيم على أعلى مستوى، في تطور لافت قد يعجل بنهايته.



مصادر قضائية مطلعة، قالت لـ"العين الإخبارية"، مفضلة عدم نشر هويتها، إن قاضي التحقيق في قضايا الإرهاب استدعى الغنوشي، الليلة الماضية، للتحقيق معه في قضية اغتيال الزعيم اليساري شكري بلعيد.

تطورات حثيثة يرجح خبراء أن تعجل بأفول "النهضة"؛ الحركة الإخوانية التي عبثت بأمن التونسيين طوال أكثر من عقد قضته في الحكم، وذلك من خلال حلها والزج بقياداتها ممن ارتكبوا جرائم بالسجون.

محكمة الحساب

دفاتر يفتحها القضاء التونسي لمحاسبة الإخوان، تشكل الوجه الآخر لتداعيات القرارات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي، قبل أكثر من أسبوعين، بتجميد عمل البرلمان وتعليق عضوية نوابه وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي.

مسار تصحيحي يميط اللثام على عشرية وصفها التونسيون بالسوداء، ويضع الإخوان وزعيمهم أمام محكمة الشعب، في تمش ترجمته حملة إيقافات تستهدف كل من يشتبه بتورطه في الفساد أو الاغتيالات.

المصادر القضائية نفسها أوضحت أن طلب التحقيق مع الغنوشي جاء بعد شكوى قدمتها هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي، تتهم فيها الغنوشي بالوقوف وراء الاغتيالات السياسية التي جدت في فترة الإخوان.

وكانت هيئة الدفاع قد فضحت، خلال مؤتمرات صحفية سابقة، وجود جهاز سري لحركة النهضة، أحكمت عبره سيطرتها على الدولة وأجهزتها طيلة السنوات الماضية.

وفي مؤتمر عقدته في الثامن والعشرين من الشهر الماضي، قالت هيئة الدفاع في قضية بلعيد والبراهمي، إن الجهاز السري لحركة النهضة يتجسس على تونس وشعبها.

وأكدت هيئة الدفاع عن الزعيم اليساري شكري بلعيد والقيادي القومي محمد البراهمي، أن الغنوشي هو من يدير الجهاز السري للحركة.

ولفتت الهيئة، وقتها، إلى أنها" تنتظر من الرئيس التونسي قيس سعيد التعجيل بالنظر في الشكاوى التي رفعتها بشأن الجهاز السري لحركة النهضة".

ويطالب نشطاء الرئيس التونسي بالذهاب إلى الخطوة الثانية وهي فتح الملفات التي تدين حركة النهضة وتثبت تورطها في الفساد وفضح أخطبوط الجهاز القضائي الذي تستر على ملف الإرهاب.

النهاية؟

ويرى الكاتب الصحفي سفيان بن عيسى، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن أهم خطوة في إجراءات سعيد للقطع مع منظومة حركة النهضة تكمن في فتح ملفات الفساد للقضاة الذين تم تعيينهم زمن وزير العدل الأسبق الإخواني نور الدين البحيري (2012) .

ووفق مصادر خاصة لـ"العين الإخبارية"، حجر القضاء التونسي السفر على قرابة 40 قاضيا من المحسوبين على الإخوان، للتحقيق معهم في قضايا فساد سياسي ومالي.

من جانبه، يعتبر الكاتب السياسي محمد بوعود أن القرارت التي اتخذها الرئيس التونسي في 25 يوليو/ تموز الماضي، "كانت كفيلة بوضع الإخوان على الرفّ، وإغلاق أدراج النسيان على أغلبيتهم، ولم يتبق منهم إلا بعض من يحاول أن يتشبث بباقي أمل في عودة لن تأتي أو من يتصيّد فرصة للركوب على الحدث من جُملة الراكبين والظفر بمكان تحت شمس المشهد الجديد الذي يتشكّل بتُؤدة".

وقال بوعود لـ"العين الإخبارية"، إن قرارات سعيد بتعليق البرلمان وفتح ملفات الفساد القضائي ضربة قاصمة للغنوشي، حرمته من ملعبه الذي اعتقد طويلا أن لا أحد سيزيحه منه".

مضيفا "كما إن القرارات حرمت الغنوشي امن أكبر وأخطر مسؤولية في الدولة وهي رئاسة مجلس نواب الشعب (البرلمان)، والتي كان يدير من خلالها خيوط لعبة سياسية تمتد إلى كامل البلاد وتتسلل إلى الإدارات والمؤسسات وتعبر الحدود أيضا إلى الخارج".

وتابع "الغنوشي كان يدير حكومة هشام المشيشي، ولا يمر قرار من قراراتها مهما كان صغيرا أو بسيطا إلا بمشورته وموافقته، ومنها كان يفتح خيوط التواصل مع الحركات والأحزاب في الداخل والخارج، وحتى منه وباسمه أيضا كان يهنئ مليشيات انتصرت هنا أو حزب فاز هناك، ومنه أيضا كان يتعمد مناكفة رئيس الجمهورية وإحراجه، ومحاولة عزله وتحجيم دوره باستمرار".

ومن بوابة الحكومة، يستطرد بوعود "كان زعيم الإخوان يبني إمبراطورية سياسية قوامها تحالفات يعرف كيف يرسمها، وتكتلات يعرف كيف يجمعها، لكنه لم يعرف أنها ستنفضّ عنه وتتركه للعراء والشمس الحارقة يستجدي أنصارا يدافعون معه عن المجلس، ولا يجدهم، رغم أنهم كانوا من حوله بالآلاف حين كانت السلطة في يده".