أيمن شكل


علاقات وطيدة بين المنامة وموسكو تفتح آفاق تعاون في مجالات عدة

تعمل روسيا منذ سنوات على تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول الإسلامية والعالم العربي وخاصة دول الخليج، وبرزت تلك السياسة من خلال المنتدى الاقتصادي الدولي الذي يقام سنويا في العاصمة التتارية قازان.

وكانت آخر نسخة لهذا المنتدى هذا العام وهي النسخ الخامسة عشر والتي شاركت فيها البحرين على المستوى الدبلوماسي من قبل سفير المملكة لدى موسكو أحمد الساعاتي حيث أكد أن مملكة البحرين ترحب بالتعاون مع الجميع من خلال خبراتها وتجاربها، وأشار إلى أن مملكة البحرين وروسيا الاتحادية ترتبطان بعلاقات الصداقة الوطيدة بفضل التوجيهات السديدة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

قصة المنتدى تتمثل في أن المنتدى بدأ باقتراح من الرئيس الروسي في عام 2003 بشأن إدراج روسيا في منظمة التعاون الإسلامي بوصفها مراقباً، وأصبحت البحرين عضواً فاعلاً ومؤسساً في منتدى قازان ليتحول إلى حدث سنوي تشارك فيه المملكة ويحرص رئيس جمهورية تتارستان ورئيس مجموعة الرؤية الاستراتيجية «روسيا - العالم الإسلامي» رستم مينيخانوف على حضوره وتنظيمه ليناقش كل القضايا الاستراتيجية، مثل الصيرفة الإسلامية، والتجارة الحلال، وزيادة الإمكانيات السياحية.

وفي كل عام يعمل القائمون على المنتدى الاقتصادي بكل قوة لفتح مجالات التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي والصناعي حيث يتم توجيه الدعوة لحضور فعاليات المنتدى لرجال الأعمال من دول الخليج والبحرين وإلى الصحافة المحلية لتغطية الحدث الأكبر في روسيا بشأن الترويج الاقتصادي للدولة والجمهوريات الإسلامية التابعة لها.

واختتمت فعاليات المنتدى يوم الجمعة الماضي الموافق 17 مايو، إذ ركز المشاركون على أهمية إنشاء هيئة دولية للتنمية الإقليمية تشمل الدول الإسلامية وروسيا تتكفل بمجال البناء والتخطيط الحضري واستغلال الأراضي وبناء مشاريع عقارية ومدن جديدة بالاعتماد على مؤسسات مشتركة تعمل على تبادل التكنولوجيا والخبرات واليد العاملة.

وشهد المنتدى أكثر من 150 جلسة عمل توجت بتوصيات وقرارات من شأنها تعزيز التعاون وتوطيد العلاقات بين روسيا والدول الإسلامية، إضافة إلى إبرام اتفاقيات شراكة لتجسيد عدة مشاريع هيكلية، كما بحث المنتدى هذا العام الفرص المتاحة للأعمال الصغيرة في دول العالم الإسلامي، ونتيجة لما تم بحثه خلال المنتدى فقد زاد التبادل التجاري بين روسيا ودول منظمة التعاون الإسلامي بنسبة 31%.

كما شهد “منتدى قازان 2024” إطلاق عدة مبادرات والاتفاق على جملة من المشاريع بهدف تطوير وتعزيز العلاقات بين روسيا والدول الإسلامية، لاسيما في مجالات البنية التحتية واللوجستية والمالية، فضلاً عن التعاون في مجالات السياحة والتكنولوجيا والتعليم العالي والإعلام والثقافة والرياضة.

وفي هذا الإطار، تم التطرق إلى مشروع ممر النقل بين الشمال والجنوب، والذي يعول عليه لنقل بضائع من روسيا وآسيا الوسطى إلى دول الخليج وجنوب شرق آسيا، وأكد نائب رئيس الوزراء الروسي، مارات خوسنولين، خلال جلسة عامة للمنتدى، أنه تم إحراز تقدم في تنفيذ مشروع الممر اللوجستي بين الشمال والجنوب خلال السنوات القليلة الماضية مع إبرام اتفاقيات مع أذربيجان لمد خط السكة الحديدية لاحقا إلى موانئ الخليج العربي.

وأضاف أن حجم التبادل التجاري بين روسيا ودول منظمة التعاون الإسلامي في ارتفاع متواصل حيث زاد بنسبة 30 بالمائة خلال 2023، مع تسجيل ارتفاع أيضاً في تدفقات الحركة السياحية.

وأجمع المتداخلون في مختلف النقاشات على أن تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول الإسلامية تحتاج إلى المزيد من الاستثمارات في البنية التحتية واللوجستية، مما يطرح فرص هامة للتعاون بين الطرفين. ومن الجانب الآخر، ولتشجيع الاستثمار الإسلامي في الاتحاد الروسي، أشار المسؤولون الروس إلى اعتماد بلادهم العديد من الامتيازات والتسهيلات التي تطمح من خلالها إلى استقطاب حاملي المشاريع.

وبهذا الخصوص، تم تطوير نظام مصرفي وفقاً للمبادئ الإسلامية، حيث أعلن ممثلون عن الحكومة الروسية بالمناسبة عن تعميم مبادرات إدراج الخدمات المصرفية الإسلامية في البنوك الروسية لتتوسع، بعد أن كانت محصورة في بعض المناطق كتتارستان والشيشان وداغستان التي عرفت تطوراً لهذا النظام المالي في السنوات الأخيرة.

وقال مدير دائرة تحسين البيئة وتعزيز القدرات للشراكة بين القطاعين العام والخاص في مركز تطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص بجمهورية أذربيجان أنار يوسف زاده: «من الممتع أن تسعى أذربيجان إلى دعم الأعمال الصغيرة والمتوسطة، وزيادة حصتها من الصادرات النفطية من خلال زيادة الإمدادات الزراعية إلى روسيا ودول الخليج».

وتابع: «لدينا منتجون كبار، نطاق أعمالهم واسع جداً، والعديد منهم موجهون للتصدير، وقد حصلوا على بعض المزايا، لكننا نريد تطوير، ليس المؤسسات المتوسطة فقط، بل الشركات الصغيرة».

ومع تطور اللوجستيات والاستثمارات في المشاريع المشتركة، ينمو حجم التجارة بين روسيا ودول الخليج حيث تجاوز التبادل التجاري مع الإمارات العربية المتحدة، 9 مليارات دولار، وهو ما يفتح مجالات أوسع للبحرين في توسعة حجم التبادل التجاري أسوة بدبي التي تستثمر الشركات الروسية فيها بمشاريع في قطاع اللوجستيات، والموانئ البحرية، والسياحة، والخدمات، والتكنولوجيا الفائقة، والصناعة، وحتى في إنتاج الأدوية ومصادر الطاقة المتجددة.