حسن الستري

غايته متحققة وأحكامه غير واضحة..

مشروع القانون يتعارض مع السياسة الجنائية للبحرين فيما يخص مزاولة المهن الطبية


دعت الحكومة السلطة التشريعية إلى إعادة النظر في مشروع قانون شوري بشأن التطبيب عن بعد؛ لتحقيق غايته وقصور مشروع القانون في تنظيم موضوعه، وعدم وضوح أحكامه، وتعارض مشروع القانون مع السياسة الجنائية التي تنتجها المملكة، فيما يخص مزاولة المهن الطبية وحماية البيانات الشخصية للمرضى.
وبينت الحكومة أنها درست مشروع القانون ووقفت على الأهداف المرجوة منه، والتي تتحدد - حسبما ورد في مذكرته الإيضاحية - في وضع إطار تشريعي محدد للتطبيب عن بعد داخل مملكة البحرين عن طريق مؤسسات صحية حاصلة على ترخيص بممارسته، وتقديم الرعاية الصحية لكل مواطن دون مشقة، ودعم تقديم وسائل الوقاية من الأمراض، ووضع القواعد والنظم والإجراءات الخاصة بممارسة التطبيب عن بعد، وتحديد الجهة المسؤولة في حالة مخالفة شروط الترخيص التي توضع وتحدد وفقاً للقرارات الصادرة بشأنه.
ويتألف مشروع القانون، فضلاً عن ديباجته، من عشر مواد، تضمنت المادة (1) التعريف ببعض المصطلحات، بينما نظمت المواد من (2) إلى (6) الأحكام الخاصة بالتطبيب عن بعد، ونطاقه المتمثل في تقديم الاستشارات الطبية، وتشخيص الحالات الصحية، ووصف العلاج المناسب لها، ومتابعة حالة المريض، وطلب إجراء الفحوصات والتحاليل الطبية، ومناقشة نتائجها، وحظر مزاولة أو تقديم خدمات التطبيب عن بعد من غير ترخيص بذلك، وتفويض الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات في تحديد الحالات التي لا يجوز فيها التطبيب عن بعد، والقواعد والضوابط الخاصة بالترخيص وتجديده، والرسوم المستحقة عن منح الترخيص وتجديده.
تراخيص استثنائية
وأجاز مشروع القانون للهيئة منح تراخيص استثنائية لفترات قصيرة ومحددة للأطباء الزائرين، وأوجبت المادة (7) أن يحتفظ كل مرخص له بالبيانات الخاصة بالمرضي المتلقين لخدمات التطبيب عن بعد في سجل معد لذلك، وحددت المادتان (8) و (9) العقوبات المقررة لمخالفة تطبيق أحكام هذا القانون، سواء أكان شخصاً طبيعياً أم اعتبارياً، فيما جاءت المادة (10) تنفيذية.
وأكدت الحكومة أن الغاية من مشروع القانون متحققة بالفعل، إذ إن الأصل العام لسلطة المشرع في إصدار التشريعات أنها سلطة تقديرية، ما لم يكن الدستور قد فرض عليه في شأن ممارستها ضوابط محددة تحد من إطلاقها، ولا شك أن غاية المشرع في سن تشريع جديد يقرر بموجبه أحكاماً جديدة، تكون لمصلحة يقدرها، لا ليؤكد ما هو قائم بالفعل، وبالتالي يتعين أن يكون مشروع القانون المقترح قد أتى بجديد.
الاستراتيجية الوطنية للصحة
وقد أناط المشرع بالهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية بموجب المادة الثالثة من القانون رقم (38) لسنة 2009 مراقبة تطبيق نظم المهن والخدمات الصحية بمملكة البحرين واقتراح تطويرها؛ بما يضمن الكفاءة العالية والسلامة والسرعة اللازمة والفاعلية في تقديم هذه الخدمات، سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص، وفقاً لأفضل الأسس العلمية ومعايير الممارسة الصحية المعتمدة.
ووفقاً للمرسوم رقم (5) لسنة 2013 بإنشاء المجلس الأعلى للصحة يتولى المجلس وضع الاستراتيجية الوطنية للصحة في المملكة، ومتابعة تنفيذها مع الوزارات والمؤسسات والهيئات المعنية، وله في سبيل ذلك العديد من الاختصاصات منها إيجاد نظام موحد لتقنية المعلومات في جميع المؤسسات الصحية العامة والخاصة بالمملكة. وتنظيم تقديم الخدمات الصحية في المؤسسات الصحية الخاصة حددته أحكام القانون رقم (21) لسنة 2015 بشأن المؤسسات الصحية الخاصة، وقد أصدر المجلس الأعلى للصحة القرار رقم (2) لسنة 2019 بشأن تصنيف المؤسسات الصحية والاشتراطات الصحية والفنية ومتطلبات السلامة الواجب توافرها في منشآتها وتجهيزاتها، وأوجب في المادة (7) منه أن تتوافر في المؤسسات الصحية، الاشتراطات الصحية والفنية ومتطلبات السلامة الواجب توافرها فيها، والمشار إليها في الملاحق المرافقة لهذا القرار، والمنشورة على موقع الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية، وقد أصدرت الهيئة المذكورة الاشتراطات والمعايير اللازمة لكل نوع من الخدمات الصحية ومنها تنظيم خدمات الاستشارة عن بعد، بما فيها الاشتراطات الفنية والتجهيزات واشتراطات مزاولة هذه الخدمة الملحق (48) متطلبات خدمة الرعاية الصحية عن بعد بالإضافة إلى الملحق (3) الخاص بإدارة المعلومات والسجلات الطبية والملحق ( 22 ) الخاص بمراكز التطبيب عن بعد في المتطلبات الصحية والمعايير الفنية ومتطلبات السلامة الواجب توافرها في مباني وتجهيزات مرافق الرعاية الصحية الصادرة عن الهيئة.
توافر الغاية
المرجو تحقيقها
وإصدار قانون مستقل للتطبيب عن بعد - وفقاً لما ورد بمشروع القانون المعروض - ليس له ثمة مبرر تشريعي، لكون الهدف منه متحقق بالفعل، كما أنه من الأوفق أن يُترك الأمر للجهات الصحية المختصة المرونة التشريعية لمواكبة كافة ما يستجد من تطورات من خلال تدخلها لتحقيق أهداف السياسة الصحية والتوجهات المستقبلية لتطوير القطاع الصحي بالمملكة، فضلاً عن أن التشريعات الحالية لتنظيم المؤسسات الصحية الخاصة، ومشروع القانون الذي تعمل عليه الحكومة حالياً لمزاولة المهن الصحية؛ سيوحد الأطر القانونية للخدمات الصحية المقدمة، وتحدد مسؤولية الأشخاص الطبيعة والاعتبارية.
ومما تقدم فإن الأهداف التي يرمي إليها مشروع القانون قد تحققت في أداة أدنى من القانون، من خلال القرارات الصادرة من المجلس الأعلى للصحة والهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية، حيث تتسم هذه الأداة بالمرونة ويمكن تطويرها في أي وقت إذا اقتضت الحاجة ذلك، ومن ثم فإن حاصل ذلك أن الحكومة تتفق مع الأهداف التي ينشدها مشروع القانون وتؤيدها، غير أنه لا يتطلب الأمر مشروع القانون الذي نحن بصدده، لتوافر الغاية المرجو تحقيقها منه.
الاستقرار القانوني
وأشارت الحكومة إلى قصور مشروع القانون في تنظيم موضوعه، وعدم وضوح أحكامه، ذلك أن الأصل العام في التشريع هو أن تتم صياغة النصوص القانونية صياغة محكمة، فتأتي بذلك محددة وواضحة ولا تثير معرفتها أو الوقوف عليها أية منازعات، فيسود الاستقرار القانوني؛ حيث يكون الأفراد على هدى من أمرهم بهذه النصوص الواضحة، وبما لهم من حقوق وما عليهم من التزامات، وذلك بخلاف النصوص القانونية الغامضة، التي يترتب عليها صعوبة التحقق من حقوق والتزامات الأفراد، ويتوقف تحقيق التشريع لأهدافه وضمان التزام المخاطبين بأحكامه على مدى دقته ووضوحه، فضلاً عن ضرورة انسجام نصوصه مع بعضها البعض من جهة ومع قواعد التشريعات الأخرى ذات الصلة من جهة أخرى، ويقتضى ذلك أن تصاغ نصوص القوانين بما يقطع كل جدل في شأن حقيقة محتواها ليبلغ اليقين بها حدا يعصمها من الجدل، وبما يحول بين رجال السلطة العامة وتطبيقها بصورة انتقائية، وفق معايير شخصية، تخالطها الأهواء، وتنال من الأبرياء لافتقارها إلى الأسس الموضوعية اللازمة لضبطها، وذلك وفقاً لأحكام الدستورية العليا (الطعن رقم 183 لسنة 29 ق - بتاريخ 4 / 11 / 2012).
مظاهر القصور
وتتمثل مظاهر قصور مشروع القانون في الآتي:
1- جاءت التعريفات الواردة بالمادة (1) من مشروع القانون قاصرة عن بيان المطلوب، حيث عرفت المرخص له بأنه، كل مؤسسة صحية حكومية أو خاصة حاصلة على ترخيص بمزاولة وتقديم خدمات التطبيب عن بعد، في حين ورد مصطلح « التطبيب عن بعد في ذات المادة بأنه: «... مزاولة وتقديم الخدمات الصحية الرقمية من قبل المرخص له»، والتعريف الأخير لمصطلح «التطبيب عن بُعد» يحتاج للتحديد والتوضيح، كما أن التطبيب عن بعد، ليس قاصراً على المؤسسات الصحية فحسب، والأولى أن يمتد ليشمل من يُرخص له بمزاولة المهن الصحية، التي تشمل الأطباء البشريين وأطباء الأسنان والصيادلة، والفنيين الصحيين في الأشعة، والتمريض، والتخدير والمختبرات، وغير ذلك من المهن الصحية الأخرى، مما يصم التعريفات الواردة في مشروع القانون بالقصور وعدم تحقيق الغاية المقصودة من إيرادها.
2- بينت الفقرة (أ) من المادة (2) من مشروع القانون نطاق «التطبيب عن بعد» إجمالاً لا تفصيلاً، فخلت من بيان تصنيفات أو أنواع خدمات الرعاية الصحية عن بعد، مثل الاستشارة عن بعد مراقبة المريض عن بعد (RPM)، والجراحة عن بعد (TLS)، واستشارة خبير عن بعد (TLE)، والتشخيص عن بعد (TLD)، والمساعدة عن بعد (TLA)، والإشراف الطبي عن بعد (TLM)، ثم جاءت الفقرة (ب) من ذات المادة والمواد (3)، (4)، (5) و(6) بجملة أحكام أوكلت لهيئة تنظيم المهن والخدمات الصحية تحديد الحالات التي لا يجوز فيها التطبيب عن بعد، وأناطت بالهيئة وضع القواعد والنظم والإجراءات الخاصة لمزاولة وتقديم خدمات التطبيب عن بعد، وتحديد ضوابط منح الترخيص وتجديده وسحبه، والشروط الواجب توافرها في طالب الترخيص، والرسوم المستحقة، وكان ينبغي أن يودد الإطار الأسمى للتطبيب عن بعد في مشروع القانون، ثم تُترك الأمور الفنية الدقيقة فحسب للهيئة المذكورة أو اللائحة التنفيذية لمشروع القانون إن وجد مقتضي لذلك.
3- قررت المادة (5) من مشروع القانون بأن هيئة تنظيم المهن والخدمات الصحية تحدد الرسوم المستحقة بشأن منح وتجديد تراخيص مزاولة وتقديم خدمات التطبيب عن بعد، بعد موافقة مجلس الوزراء، وذلك بالمخالفة لنص البند رقم (5) من المادة (6) من القانون رقم (38) لسنة 2009 بإنشاء الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية، حيث إن المجلس الأعلى للصحة هو السلطة العليا التي تتولى شؤون الهيئة واعتماد الخطط والبرامج التي تحكم سير العمل بها والإشراف على تنفيذها، وله في سبيل ذلك تحديد فئات الرسوم المستحقة بشأن منح وتجديد تراخيص مزاولة المهن الصحية، وتراخيص فتح وإدارة المؤسسات الصحية، وتحديد طرق تحصيلها، وذلك بعد موافقة مجلس الوزراء، وبالتالي فيكون إسناد مهمة تحديد الرسوم للهيئة المذكورة يشوب مشروع القانون بالتعارض مع القوانين القائمة ويصمه بالقصور موضوعاً.
تعريف جامع مانع
ومن هذا يتضح مدى القصور الموضوعي الذي يلحق مشروع القانون المعروض من حيث عدم وضع تعريف جامع مانع للتطبيب عن بعد، وعدم النص على تحديد الحالات التي لا يجوز فيها التطبيب عن بعد، فضلاً عن تفويض الهيئة المذكورة في تحديد الشروط الواجب توافرها في طالب الترخيص وتجديد وسحبه والرسوم المستحقة عن طلبات التراخيص، وبما يمثله ذلك من قصور في تنظيم موضوع مشروع القانون من الناحية الموضوعية وعدم وضوح أحكامه.
ولفتت الحكومة إلى تعارض مشروع القانون مع السياسة الجنائية التي تنتجها المملكة فيما يخص مزاولة المهن الطبية وحماية البيانات الشخصية للمرضى، ذلك أن السياسة الجنائية الرشيدة تقوم على عناصر متجانسة، فإن قامت على عناصر متنافرة نجم عن ذلك افتقاد الصلة بين النصوص ومراميها، بحيث لا تكون مؤدية إلى تحقيق الغاية المقصودة منها لانعدام الرابطة المنطقية بينها؛ تقديراً بأن الأصل في النصوص التشريعية - في الدولة القانونية - هو ارتباطها عقلاً بأهدافها، باعتبار أن أي تنظيم تشريعي ليس مقصوداً لذاته، وإنما هو مجرد وسيلة لتحقيق تلك الأهداف الدعوى رقم 114 لسنة 21 قضائية المحكمة الدستورية العليا)، وإنه ولإن كانت السلطة التشريعية تتمتع بسلطة تقديرية واسعة في اختيار الفعل المجرم والعقاب عليه، إلا أن هذه السلطة مقيدة على نحو كبير بالضوابط والمبادئ الدستورية في خصوص التجريم والعقاب، والتي من بينها ضرورة تناسب العقوبة مع الفعل المؤثم ومعقوليتها، بحسبان أن ذلك هو الأصل في العقوبة، فلا بد من أن يتناسب الجزاء مع الفعل المجرم.
الردع بنوعيه
العام والخاص
وبالرجوع إلى مشروع القانون في المادة (8) نجد أنه قد وضع عقوبة الغرامة، التي لا تزيد عن ألف دينار لمن زاول وقدم خدمات التطبيب عن بعد، أو أنشأ أو أدار مؤسسة أو منصة إلكترونية دون الحصول على ترخيص مسبق من الهيئة، وهي عقوبة لا تتناسب البتة من حيث تحقيق الهدف من تقريرها وهو الردع بنوعيه العام والخاص، وتتجافى تماماً مع الأحكام الواردة في المادة (29) من المرسوم بقانون رقم (7) لسنة 1989 بشأن مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان، والتي قررت عقوبة الحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على ألفي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، مع وجوب غلق العيادة التي يزاول فيها المخالف أعماله، ومصادرة ما يكون فيها من مهمات وآلات ولافتات، وغير ذلك لكل من زاول مهنة الطب، أو أدار عيادة بدون ترخيص، أو قدم بيانات غير صحيحة أو لجأ إلى طرق غير مشروعة، ترتب عليها منحه ترخيصاً بمزاولة مهنة الطب أو القيد في السجلات الخاصة بها بدون وجه حق. وتتجافي هذه العقوبة (الغرامة) -أيضاً - مع الأحكام الواردة في المادة (23) من المرسوم بقانون رقم (2) لسنة 1987 في شأن مزاولة غير الأطباء والصيادلة للمهن الطبية المعاونة، والتي قررت عقوبة الحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تجاوز ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، مع وجوب غلق المحال التي يزاول فيها المخالفون أعمالهم، ومصادرة ما يكون فيها من مهمات وآلات ولافتات وغير ذلك، لكل من زاول المهنة أو أدار محلا لمزاولتها بدون ترخيص، وكل من قدم بيانات غير صحيحة أو لجأ إلى طرق غير مشروعة ترتب عليها منحه ترخيصاً بمزاولة المهنة بدون وجه حق.
كما أن المرسوم بقانون رقم (27) لسنة 2015 بشأن السجل التجاري بموجب المادة (27) قرر عقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد على خمسة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من:
1- قدم عمداً بيانات غير صحيحة لتدوينها في السجل التجاري، سواء كانت خاصة بالقيد أو التجديد، أو التأشير، أو الشطب، وتأمر المحكمة بتصحيح هذه البيانات وفقاً للأوضاع والمواعيد التي تحددها.
2- استخدم في مكاتباته أو مطبوعاته المتعلقة بأعماله رقم قيد «سجل تجاري» على خلاف الحقيقة.
3- زاول نشاطاً تجارياً دون الحصول على ترخيص من الجهات المختصة.
سياسة جنائية رشيدة
كما أن القانون رقم (30) لسنة 2018 بإصدار قانون حماية البيانات الشخصية في المادة (58) وضع عقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة وبالغرامة التي لا تقل عن ألف دينار ولا تتجاوز عشرين ألف دينار، أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكل من أفصح عن أية بيانات أو معلومات من المتاح له النفاذ إليها بحكم عمله أو استخدمها لمنفعته أو لمنفعة الغير، وذلك دون وجه حق وبالمخالفة لأحكام هذا القانون.
ويتضح مما سبق أن المشرع قد انتهج سياسة جنائية رشيدة وقرر عقوبات ملائمة لكل من زاول مهنة الطب، أو أدار عيادة بدون ترخيص، أو قدم بيانات غير صحيحة أو لجأ إلى طرق غير مشروعة، ترتب عليها منحه ترخيصا بمزاولة مهنة الطب، أو القيد في السجلات الخاصة بها بدون وجه حق. أو زاول غير الأطباء والصيادلة للمهن الطبية المعاونة وجعلها تتراوح ما بين عقوبة الحبس والغرامة، التي لا تزيد في أقصاها عن خمسة آلاف دينار (أو بإحدى هاتين العقوبتين)، كما ذهب مذهب التشديد لكل من أفصح عن أية بيانات أو معلومات من المتاح له النفاذ إليها بحكم عمله أو استخدمها لمنفعته أو لمنفعة الغير وقرر عقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة وبالغرامة التي لا تقل عن ألف دينار ولا تتجاوز عشرين ألف دينار، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
أما مشروع القانون فقد نحا نحو التخفيف في العقوبة مذهباً ومبلغاً لا يتناسب مع طبيعة الجرائم المرتكبة. وفضلاً عن ذلك فإن مشروع القانون في البند (2) من الفقرة (أ) من هذه المادة قرر العقوبة الجنائية (الغرامة) على المخالف حال ارتكابه الفعل المؤثم بهذه المادة بعد صدور قرار وقف الترخيص، وذلك بالمخالفة لنص المادة الرابعة من مشروع القانون التي أناطت بالهيئة تحديد ضوابط منح الترخيص وتجديده وسحبه، ولم يتضمن مشروع القانون ثمة جزاءات إدارية توقع على من يرتكب مخالفة لأحكامه، ومنها جزاء وقف الترخيص، ومن ثم فلا محل لتوقيع العقوبة في مثل هذه الحالة لعدم تحقق شرطها.