محمد الرشيدات

أحكامها تصل إلى 15 سنة وغرامة مالية 10 آلاف دينار


بات بحكم المؤكد أن تقرير وزارة الخارجية الأمريكية المعني بتصنيف الدول في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص 2024، ارتكز على كثير الحقائق لدى تصنيفه البحرين في مصاف الفئة الأولى، وللعام السابع على التوالي، كأعلى تصنيف يعتمده التقرير، ومن بين هذه الحقائق رصد وزارة الداخلية 46 واقعة لـ 66 متهماً بالاتجار بالأشخاص، خلال العام الفائت، منها 17 تتعلق بتهمة الاتجار بالجنس، و27 حالة اتجار بالعمال، وحالتين تتعلقان بالاتجار بالجنس والعمالة.
هذا الإنجاز يؤكد على وجود منظومة أمنية وقانونية وطنية تتبنّى خططاً واستراتيجيات ناجعة وسياسات هادفة تُبقي المؤسسات الحكومية المعنية على رونقه بشكل يُضاف إلى رصيد البحرين في مجال حقوق الإنسان، وفي مقدّمة تلك السياسات، صياغة نموذج فحص دوري لأوضاع المحتجزين في السجون، وتطوير أداة تعريف إلزامية لتحديد ضحايا الاتجار بالجنس.
إلى جانب ما ذُكِر، إنشاء مكتب متخصص تابع لهيئة تنظيم سوق العمل لدعم الضحايا والضحايا المحتملين والشهود المشاركين في الإجراءات الجنائية.
وعلى الصعيد ذاته، فإن الملاحقة القضائية في البحرين تتكىءُ أشكال تطبيقها على قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 1 لعام 2008، وتحديداً فيما يخص الاتجار بالجنس والاتجار بالعمالة، ليفرض عقوبة بالسجن على المتاجرين ممن ثبتت إدانتهم بالجرم المرتكب، تتفاوت بين 3 إلى 15 سنة، بالإضافة إلى غرامة مالية تتراوح بين 2000 و 10000 دينار، مع تحمّلهم تكاليف إعادة الضحايا إلى وطنهم.
وفي سياق ذلك، قامت وزارة الداخلية بالتحقيق في 46 قضية تتعلق بـ 66 من المتاجرين المزعومين، منها 17 تتعلق بتهمة الاتجار بالجنس، و27 حالة اتجار بالعمال، وحالتين تتعلقان بالاتجار بالجنس والعمالة العام الماضي، مقارنة بـ 42 تحقيقًا في سنة 2022.
وعليه تمت محاكمة 19 مرتكبًا للاتجار بالجنس، بما في ذلك 13 متهماً بالجنس من المتاجرين، واثنين من المتاجرين بالعمالة المزعومة، و4 متهمين بجرائم الاتجار بالجنس والعمالة.
وأدانت المحاكم 8 متاجرين، من بينهم 3 بتهمة الاتجار بالجنس، وواحد بالاتجار بالعمالة، و4 بتهمة الاتجار بالجنس والعمالة العام السابق؛ ليمثّل ذلك انخفاضًا مقارنة بـ 15 إدانة في عام 2022.
وكانت الأحكام القانونية التي وُضعت بحق المتاجرين قد تراوحت بالسجن ما بين سنة و10 سنوات، بالإضافة إلى غرامات مالية اختلف مقدارها وفقاً للقانون، بما في ذلك مطالبة المتاجرين المُدانين بدفع جميع التكاليف المرتبطة بإعادة الضحايا إلى وطنهم، ناهيك عن ترحيل جميع المتاجرين غير البحرينيين بعد انتهاء مدة عقوبتهم.
مديرية التحقيقات الجنائية والطب الشرعي التابعة لوزارة الداخلية وعبر وحدة شرطة تضمّها مخصصة للتحقيقات في قضايا الاتجار بالبشر، قد ضمنت حصول الضحايا على سبل الانتصاف القانوني وخدمات الحماية والمساعدة الكافية، ونيل ممن ثبتت إدانتهم أشد العقوبة، من خلال تسريع البت في القضايا المقدّمة وإحالتها إلى المحكمة الجنائية العليا، متجاوزة المحاكم الابتدائية.
دائرة التحقيقات الجنائية أحالت 32 قضية اتجار محتملة إلى مكتب النيابة العامة، بما في ذلك 31 حالة تتعلق بالاتجار بالعمالة وواحدة تتعلق بالاتجار بالجنس.
مركز حماية المغتربين التابع لهيئة تنظيم سوق العمل لم يألُ هو الآخر أي جهد في سبيل تقديم الخدمات لضحايا الاتجار من العمّال وبحق من تعرّضوا للاستغلال الشديد في العمل بغض النظر عن جنسهم أو وضعهم القانوني في البلاد، وذلك من نافذة توفير المأوى المناسب لهم، وبمساحات منفصلة للرجال والنساء و حتى الأطفال بسعة قصوى تصل إلى 400 فرد.
وإضافة إلى ذلك، خصصت الحكومة مبلغ 197 ديناراً لكل ضحية في إطار حماية ومساعدة الضحايا، وتزويدهم بالمأوى والغذاء والملبس والرعاية الطبية والدعم الديني والرعاية النفسية والاجتماعية والنقل ولم شمل الأسرة وخدمات الترجمة وصولاً إلى الاستشارة القانونية.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل فتحت الحكومة المجال أمام الضحايا ممن يرغبون في البقاء داخل المملكة للحصول على فرص عمل جديدة بتصاريح جديدة أيضاً وتأشيرات عمل خاصة بهم، وتقديم مساعدة مالية بقيمة 1131 دينار لكل ضحية، بالإضافة إلى بدل شهري قدره 93 دينار تقدّم من قبل صندوق مساعدة ضحايا الاتجار بالأشخاص.
ومع ما سبق، قامت الحكومة بتوسيع نطاق الأهلية لبرنامج تسجيل العمل المعروف بـ(LRP)، والذي مكّن العُمال غير المسجلين من تسوية وضعهم من خلال الكفالة الذاتية، وتقديم المساعدة الإدارية والقانونية كذلك للعمال الذين يكفلون أنفسهم في رفع الدعاوى المدنية في حالات النزاعات خلال عملية التوظيف، وجنبا إلى جنب مع ذلك، تم توسيع عدد اللغات المتاحة لعقد العمالة المنزلية الموحد لمنع تبديل العقد وضمان فهم العمال لمحتويات الاتفاقيات.
وغير بعيد عن ذلك، تم وضع إجراءات فحص لجميع عاملات المنازل عند وصولهن إلى المطار للتحقق من واقعية عملية التوظيف، لمنع التوظيف الاحتيالي لهن ، والتأكد من التنفيذ الكامل لنظام حماية الأجور المقدّمة لهم عبر توسيع نطاق الضمانة القانونية، وإن ثَبُت أي خرق للقوانين من قبل أصحاب العمل، يتم فرض عقوبات صارمة ومحاكمتهم وإدانتهم بالجرم المشهود، بعد أن يلجأ الضحايا إلى العدالة النافذة في محاكم العمل المختصة.
وبالتالي بات من نافلة القول التأكيد أن هناك معايير تعتمدها البحرين بأسوب عملي لا يقبل القسمة على اثنين، تتعلق بالقضاء على ظاهرة الاتجار بالبشر واقتلاعها من جذورها، إذ تسعى المملكة وعلى الدوام وعبر نطاق عمل المؤسسات والجهات الحكومية المعنية بالتصدي لتلك الظاهرة على بذل الجهود الجادّة والمتواصلة من أجل تحييد قضية الاتجار بالأشخاص ولجمها وكبح جماح انتشارها أيضاً.