يكشف التقدم المطرد الذي تشهده المرأة البحرينية في ميادين العمل المختلفة منذ تولي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى ال خليفة المعظم مقاليد الحكم، عن حجم الجهود الحثيثة والمبادرات النوعية التي أغنت السجل الوطني بالمزيد من العطاء والإنجاز، وبلوغ الغايات السامية التي انبثقت من رؤى وتطلعات حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، قائد وراعي النهضة التنموية الشاملة لمملكة البحرين.

وإن خمسة وعشرين عامًا في العهد الزاهر مثلت فترة فارقة ومضيئة في مسيرة المرأة البحرينية، بفضل رؤية جلالة الملك المعظم الثاقبة وإيمان جلالته بقدرات المرأة البحرينية كشريك فاعل في بناء الوطن، إذ تجاوزت المرأة البحرينية خلال العهد الزاهر مرحلة التمكين والنهوض وصولا إلى مرحلة التقدم والارتقاء، وتشهد على ذلك نسب مشاركة المرأة البحرينية على كافة الصعد والتي تفوق نظيراتها في الدول المتقدمة.

وفي الحياة السياسية، بلغت المرأة البحرينية مراكز متقدمة، وحققت الكثير من المكتسبات في مسيرة البناء والتطوير الوطني بفضل ما تحظى به من دعم ومساندة، كما شكّلت السياسات والخطط والبرامج التي انتهجتها المملكة في مجال تمكين المرأة ومشاركتها السياسية، قواعد رصينة للمرأة البحرينية للاستفادة من فرص التكافؤ والتوازن لتقدمها وريادتها، في ظل ما تكفله لها الحقوق الدستورية والقانونية.

وكانت أولى خطوات المسيرة التنموية، التي أكدت تفعيل دور المرأة في الحياة السياسية، تعيين جلالة الملك المعظم لها عضوا في مجلس الشورى عام 2000، ومشاركتها في اللجنة العليا لإعداد ميثاق العمل الوطني في نفس العام، حيث شاركت 6 نساء يمثلن قطاعات مختلفة في صياغة مشروع الميثاق، الذي منحها العديد من الحقوق غير المسبوقة، واستطاعت أن تتبوأ مكانتها المستحقة في العمل العام، داخليا وخارجيا.

وجاءت التعديلات الدستورية في العام 2002 لتؤكد مشروعية حقوق المرأة، إذ أكدت التعديلات التي أدخلت العام 2002 على دستور عام 1973، على أهمية تحقيق مبدأ المساواة بين جميع المواطنين دون أي تمييز بينهم في الحقوق والواجبات بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة. كما كفل الدستور أيضا تمتع المرأة بجملة من الحقوق والحريات العامة، حيث نص على أن "للمواطنين، رجالا ونساء، حق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية، بما فيها حق الانتخاب والترشح"، الأمر الذي أدى إلى دعم دور المرأة التنموي وأضفى عليه المشروعية.

وبقرار ملكي سامي، تم إنشاء المجلس الأعلى للمرأة برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، قرينة جلالة الملك المعظم حفظها الله، والذي عمل بمتابعة حثيثة من سموها على ترجمة الرؤى الملكية إلى خطط وبرامج ومبادرات أسهمت في تقدم المرأة البحرينية في جميع المجالات وعلى مختلف المستويات، بما في ذلك تكريس منظومة الحقوق السياسية التي تتمتع بها.

رحلة مثمرة ومشاركة فاعلة

وأكد النائب الأول لرئيس مجلس الشورى جمال فخرو أن موضوع مشاركة المرأة في العمل السياسي لم يغب عن بال جلالة الملك المعظم حفظه الله منذ توليه مقاليد الحكم في العام 1999، مشيرا إلى أن هذا الأمر يتجلى واضحا في ميثاق العمل الوطني الذي يمثل الوثيقة الأساسية التي شرَّعت طريق الإصلاح في البحرين، حيث جاءت المادة الأولى منه في البند رقم 6 على تأكيد أن كلمة المواطنين تشمل النساء والرجال، وبهذا يكون الميثاق قد أسدل الستار على خلاف حول تفسير المادة الدستورية في دستور العام 1973 والمتعلقة بحق الانتخاب والتي فسرت آنذاك بأنها تعني الرجال فقط.

وأضاف فخرو "كما أن مشاركة المرأة في لجنة إعداد ميثاق العمل الوطني ودورها البارز في أعمال اللجنة، أتى ليعكس مرة أخرى قناعة جلالة الملك بالدور البارز الذي يجب أن تلعبه المرأة في الحياة السياسية ومشاركتها الفاعلة في برنامج الإصلاح الوطني".

وأشار إلى أن تأسيس المجلس الأعلى للمرأة برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة أتى ليكمل القرار المنتظر بإعطاء موضوع مشاركة المرأة الدور الذي تستحق في كل محافل ومناحي العمل السياسي والاقتصاد والاجتماعي والثقافي وغيرها من مناحي أي مجتمع متكامل.

وقال "لعب المجلس الأعلى للمرأة دورا هاما منذ تأسيسه على تدريب وتهيئة المرأة البحرينية للترشح للانتخابات العامة للبرلمان والمجالس البلدية، ووصل عدد كبير منهن الى مقاعد البرلمان والمجالس البلدية بما في ذلك وصول المرأة الي رئاسة البرلمان في البحرين وشغلها لمنصب نائب رئيس في مجلس الشورى على مدى الفصول التشريعية الخمسة الأخيرة".

وأضاف في هذا السياق "لعبت المرأة دورا أساسياً في العمل السياسي في البحرين منذ أن عيّنت عضوا في مجلس الشورى وانتخابها في البرلمان وتعيينها لشغل مناصب وزارية او دبلوماسية، واستطاعت تمثيل البحرين بشكل لائق ومميز في كافة المنظمات والاجتماعات الدولية، سواء في الأمم المتحدة عندما ترأست الأمم المتحدة لعام كامل أو من خلال البرلمان الدولي حيث كان للبرلمانيات البحرينيات دور ونشاط كبير في أنشطة البرلمان الدولي وانتخبت بعضهن في عضوية اللجان الدائمة للبرلمان الدولي"، وأضاف "كما توالت المشاركات للمرأة البحرينية في العمل البرلماني الي ان وصلت نسبة مشاركة المرأة في عضوية السلطة التشريعية في البحرين الي نسبة 22.5٪؜ وهي من النسب العالية على المستوى الدولي".

حضور عالمي

إلى ذلك، قال المستشار السياسي الدكتور أحمد الخزاعي إن حقوق المرأة مسألة ذات أهمية في جميع أنحاء العالم، ولكن لها صدى خاصًا في مملكة البحرين، فالتطبيق الفعلي لحقوق المرأة أتى من خلال منظور محلي يأخذ في الاعتبار كل مجموعة اجتماعية ودينية وعرقية على حدة، محترما الدين الإسلامي الحنيف ومقدرا للعادات والتقاليد العريقة أيضا. من هذا المنطلق لا تستغرب مكانة المرأة البحرينية وأهمية عطائها الدولي كما المحلي، من خلال المناصب القيادية التي تقلدتها.

وأكد الدكتور الخزاعي أن مملكة البحرين تولي اهتماما كبيرا لدعم تقدم المرأة بتوجيه من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم ومتابعة حثيثة من قرينة جلالته صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة حفظها الله، مشيرا إلى أن هذا الاهتمام توج بتأسيس المجلس الأعلى للمرأة كآلية عمل فعالة تترجم بنود الدستور وتوجيهات القيادة لمخرجات ملموسة ترجمت على أرض الواقع بمشاركة حقيقية للمرأة.

وأشار إلى العديد من الأمثلة على ذلك من بينها ترشيح الشيخة هيا بنت راشد آل خليفة، رئيسا للجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها العامة الواحدة والستون، كأول امرأة عربية مسلمة تتقلد هذ المنصب، كدليل على مكانة المرأة في المجتمع البحريني.

ولفت إلى أن زخم المشاركة السياسية التي حققتها المرأة البحرينية مع انطلاقة المشروع التنموي لحضرة صاحب الجلالة الملك المعظم يستند إلى تاريخ طويل من التفوق والتميز الذي اتسمت به المرأة البحرينية، مشيرا إلى أن المرأة في البحرين قد شاركت في الانتخابات البلدية عام 1926م وهي أول دولة عربية تتم فيها مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية، كما صوتت على ميثاق العمل الوطني عام 2001 وتعيين أول وزيرة عام 2006، ودخولها العمل التشريعي والبلدي أيضا ليس من خلال استطاعتها الترشح فقط، بل توجت مشاركتها بترؤسها مجلس النواب في العام 2018.

أدوار بارزة بمختلف المجالات

من جانبها قالت رئيس الجمعية البحرينية لتنمية المرأة خديجة السيد إن المرأة البحرينية كانت عبر التاريخ تساهم في بناء المجتمع، إلا ان الرؤية الثاقبة لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه لاستشراف المستقبل وإتاحة الفرص للمرأة والرجل للعمل معا في بناء الوطن أسهمت في الدفع قدما نحو إحداث نقلة نوعية لواقع المرأة البحرينية في كافة مجالات الحياة.

وأضافت السيد أن صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت ابراهيم آل خليفة حفظها الله أسهمت في ترجمة هذه الرؤية والتوجيهات السامية إلى سياسات ومبادرات وطنية دفعت لسن التشريعات وإصدار القوانين التي ساهمت في تعزيز دور المرأة وضمان حقوقها والمحافظة على الاستقرار الأسري وفق منظومة مؤسسية للمجلس الاعلى للمرأة، مشيرة إلى أن المجلس اسهم بانتقال بالمرأة من مرحلة التمكين إلى مرحلة التقدم، والإقرار بدورها كشريك استراتيجي في كافة مجالات التنمية وفق منظومة تكافؤ الفرص التي اتاحت المجال أمام المؤسسات الحكومية والأهلية لتطوير أوضاعها وسياساتها الداعمة للمرأة لتواكب التوجهات الوطنية نحو تحقيق مستقبل زاهر للبحرين ونموذج يحتذى بها بين سائر الأمم.

وأشارت رئيسة الجمعية لتنمية المرأة إلى أن الدور الحضاري والرائد لمملكة البحرين في إطار حرص القيادة الرشيدة على إحداث التقدم والتطور في كافة القطاعات بما فيها التعليم والصحة والاقتصاد والحراك المجتمعي والأهلي سارع في الدفع قدمًا لمشاركة المرأة في صنع القرار وممارسة أدوارها في كافة المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

وأوضحت أن هذا الأمر هيأ المناخ الصحي في منظومة قيمية مجتمعية تحفظ للمرأة كرامتها وتعتز بدورها وحظيت بدعم ورعاية جلالة الملك المعظم وصاحبة السمو الملكي رئيسة المجلس الأعلى للمرأة في إتاحة المجال للمرأة لممارسة كافة حقوقها للمشاركة في بناء الوطن في كافة مناحي الحياة، وأعطت صور مشرفة للمرأة البحرينية محليا وعربيا وعالميا، وضربت قصصا من النجاح جعلتها نموذجا يحتذى به بين سائر الأمم.