دبي – صبري محمود :

فقدت دولة الإمارات والأوساط الثقافية العربية "فتاة العرب" الشاعرة الكبيرة عوشة بنت خليفة السويدي.

ولدت "فتاة العرب" في مدينة المويجعي في العين عام 1920، وعاشت في دبي دبي، واعتزلت الشعر في أواخر التسعينيات وبقيت تروي أشعارها في مدح الرسول.

تعلمت عوشة على يد أسرتها حيث ترعرعت في بيت علم ودين وكان رجال العلم والشيوخ لا يغادرون مجلس أبيها، في سن الـ12 بدأت كتابة الشعر، ونظمت 100 قصيدة موزونة خلال شهر تقريباً، وتأثرت الشاعرة بـ "الماجدي ابن ظاهر" والمتنبي.

وذاع صيتها من خلال تسابق المطربين الشعبيين على غناء أشعارها التي كانت تكتبها باسم "فتاة الخليج". وأطلق عليها الشيخ محمد بن راشد نائب رئس دولة الإمارات رئيس الوزراء حاكم دبي، لقب "فتاة العرب" نظراً لتجاوز شعرها المحلية إلى العربية من خلال تناولها في أشعارها القضايا العربية، ثم كرمها وقلدها وسام إمارة الشعر الشعبي في عام 1989 حيث أهدى لها نسخة من ديوانه.

كتبت "فتاة العرب" في شتى المجالات ولها قصائد في الإسلاميات والنقد الاجتماعي والمدح والغزل وجارت أكبر الشعراء من مثل أحمد الكندي وعمير بن راشد آل عفيشه الهاجري، وتغنى بكلماتها كثير من الفنانين أمثال جابر جاسم، علي بن روغة، ميحد حمد وغيرهم الكثير.

وتعتبر عوشة بنت خليفة السويدي شاعرة اللهجة الإماراتية الأم، والمشروع الشعري الطويل الذي دام أكثر من سبعين سنة وحققت معه كل مناخات الكتابة الشعرية الإبداعية التي أنتجت نصا متميزاً يدل على نبرة خاصة واسم واضح في ميدان القصيدة الشعبية في الإمارات والخليج .

وكانت تنظم وتطرح 3 قصائد في السنة تقريباً ثم ضاعفتها لتصبح 6 قصائد، ومن قصائدها الشهيرة قصيدتي سلامين رضايف والشموت يموت.

نشرت قصائدها في العديد من الصحف والمجلات ودواوين مسموعة جمعها في ديوان فتاة العرب سنة 1990، الشاعر حمد بن خليفة بو شهاب الذي صدرت طبعة ثانية منه عام 2000.

ونعى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عوشة السويدي وقال، عبر حسابه على تويتر: "فقد الوطن رمزاً كبيراً في الأدب والحكمة والشعر.. عوشة بنت خليفة السويدي "فتاة العرب". وأضاف: "تركت خلفها كنوزاً من الأدب والشعر ستظل تحكي سيرتها وتحمل ذكراها خالدة في صفحات الوطن."

كما نعى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، الشاعرة الإماراتية، حيث قال في تغريدة نشرها عبر "تويتر": "فقدت الإمارات قامة أدبية شامخة وعلامة فارقة في الشعر النبطي ظلت قصائدها في الوطن والتاريخ والدين لعشرات السنين تثري الذاكرة الإماراتية حكمة وثقافة ومعرفة وإبداعا .. رحم الله عوشة بنت خليفة السويدي رحمة واسعة وأدخلها فسيح جناته وألهم ذويها الصبر والسلوان".

ونعى اتحاد كتاب وأدباء الإمارات عوشة السويدي، وأكد اتحاد الكتاب أن فقد الشاعرة الإماراتية الكبيرة عوشة بنت خليفة السويدي يعد خسارة عظيمة للثقافة والإبداع الإماراتيين، خصوصاً لجهة الشعر النبطي والأدب الشعبي.

وقال اتحاد الكتاب - في بيان - إن الشاعرة المعروفة باسم " فتاة العرب " أسهمت بشكل ملموس في تطوير الشعر النبطي عبر لغة رشيقة عميقة تدخل في السهل المتنع، ما جعل إبداعها محل اهتمام ومتابعة من قطاعات واسعة، فقد وصلت إلى ذوق المثقف والمتعلم كما إلى أذواق الناس جميعا، وكان لكل ذلك أثره الإجتماعي إلى جانب الأثر الثقافي في مجتمع متغير بامتياز، وفي وطن شهد مرحلة نادرة من التحولات الكبرى مع تولي القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي في أغسطس 1966 ثم توليه رئاسة دولة الإمارات العربية المتحدة في ديسمبر 1971 ما حافظ معه هذا النوع من الشعر بالتزامن والتوازي مع الوعي الذي أسس له زايد الخير، وهو الشاعر المتفرد، على توهجه ومكانته.

وأضاف البيان أن الشاعرة الرائدة عوشة بنت خليفة السويدي عنوان ليقظة المرأة ونهضة الشعر في بلادنا في آن معاً، وقد أخلصت للوطن ولفن الشعر على مدى عقود طويلة من العطاء والإتقان والتفاني والإخلاص، الأمر الذي أثر على أجيال من الكتابة الإماراتية والخليجية، وارتفع بالشعر النبطي والشعبي شكلاً ومضموناً درجات، فقدمت الشاعرة عوشة " فتاة العرب " خدمات جليلة لقضية الثقافة الإماراتية والهوية الوطنية، فاستحقت هذه "الشعبية العارمة"، واستحقت هذا القبول من جمهورها المتنوع.

وطالب بيان اتحاد كتاب وأدباء الإمارات المؤسسات المعنية بتوثيق ودرس تراث الفقيدة العزيزة، والتراث الإماراتي الشعري بشكل عام، مشيراً إلى أهمية وضرورة الجهود الكبيرة التي بذلتها الأديبة الطبيبة الدكتورة رفيعة غباش في جمع وتقديم وإضاءة ديوان شاعرة الإمارات الكبيرة عوشة بنت خليفة السويدي.