صمم علماء في القطب الشمالي مخزنا أشبه ما يكون بسفينة نوح لبذور النبات، للمحافظة عليها في حال وقوع كارثة أو تغير مناخي، لكن هذا المخزن الحصين المضاد لانفجار نووي يحتاج بعض الصيانة والتقوية بسبب الاحترار المناخي وذوبان الجليد.

ووضع بنك البذور هذا في منطقة جبلية من لونغييربين، في جزر سفالبار التابعة للنرويج والواقعة في أقاصي شمال كوكب الأرض على بعد أقل من ألف كيلومتر من القطب الشمالي.

رغم ذلك، يعاني هذا المخزن في الآونة الأخيرة من الحرّ، مقارنة مع ما يجب أن تكون عليه للمحافظة على البذور.



من ذي قبل، كان الجليد يغطي هذه المنطقة على مدار السنة، ويجعل الحرارة داخل غرفة التخزين الحصينة لا تزيد عن 18 درجة تحت الصفر.

لكن ارتفاعا في درجات الحرارة في العام 2016 أذاب الجليد في هذا الموقع الذي كان في ما مضى منجما للفحم.

ويقول أسموند أسدال أحد المسؤولين في بنك البذور "مرّ علينا صيف حارّ، تسرّبت فيه المياه إلى النفق" المؤدي إلى الغرفة الحصينة، مرجّحا أن يكون سبب ذلك التغيّر المناخي.

يقول الخبراء إن القطب الشمالي يحترّ بوتيرة تعادل ضعف ما هي عليه في سائر أنحاء العالم.

ويبدو أن التقلّب المناخي بدأ يلقي فعلا بظلال كبيرة على الأرض. ففيما ترتعد أوروبا من الصقيع سجّلت في القطب الشمالي حرارة أعلى بثلاثين درجة مما كانت عليه في المواسم المماثلة.

إزاء ذلك، أعلنت النروج في الآونة الأخيرة رصد مبلغ مئة مليون كرونة (عشرة ملايين يورو)، لتحسين ظروف الحفاظ على البذور.

ويقول يون يورغ دايل وزير الزراعة النروجي لوكالة فرانس برس "علينا أن نتثبت من أن البذور ستبقى باردة طوال السنة، حتى وإن كانت درجات الحرارة سترتفع في سفالبار".

أنشئت محمية البذور هذه في العام 2008، ويعوّل العلماء عليها للحفاظ على التنوّع البيئي، فهي تضم بذور أكثر من مليون نوع، لتكون بذلك صمّام أمان تضمن بقاء هذه الأنواع، في حال وقعت كارثة طبيعية على الأرض أو حرب أو مرض أو تغيّر مناخي وما سوى ذلك.

وللوصول إلى مكان التخزين، ينبغي عبور أبواب حصينة ونفق طوله 120 مترا، يؤدي إلى ثلاث غرف محاطة بأسلاك، وداخل هذه الغرف تخزّن البذور من القارات الخمس في صناديق.

ستتركّز أعمال الصيانة على تعزيز صلابة البناء، وقد بدأت هذه الأعمال فعلا ويعوّل عليها لجعل المخزن أكثر قدرة على الصمود في العقود المقبلة في ظلّ إمكانية ارتفاع درجات الحرارة.

وسيُقوّى النفق أيضا وستوضع في جوار المخزن أجهزة لإبعاد أي مصدر حرارة يمكن أن يؤدي إلى ذوبان الجليد.

في سفح الجبل، يشكّل تدفّق المياه مصدر قلق للعلماء، ويحدوهم لتسريع عمليات صيانة الموقع وتقويته.

فقبل عقود لم يكن الماء ليجري في هذه المنطقة، وتقول ماري هاغا مديرة "كرب تراست" المشاركة مع البنك الجيني الشمالي "نورد جين" والحكومة النروجية في هذا المشروع "حين أتيت إلى هنا في العام 1985، كان كلّ شيء متجمّدا".