يعيش أغلب أولياء الأمور هذه الأيام أصعب وأكثر أيام السنة جهداً وعصفاً فكرياً بسبب مرور فترة الامتحانات النهائية لأغلب المراحل الدراسية. فهذه الفترة «نهاية السنة الدراسية» تعتبر مصيرية لكثير منهم أقصد لأبنائهم الطلبة.

وقبل أيام وبعد عودتي من الإجازة تلاقيت مع زميله يمكن أن أصفها بأنها أم تعيش لعائلتها، نعم حرفياً هي تعيش من أجلهم، وأجمل ما سمعته من هذه الزميلة الفاضلة جملة فقط كان ينقصها موسيقى مقدمة برنامج «الشعراوي»، حيث بدأت تحمد الله وتشكره وتكثر من الدعاء بأن «الله يجازيني على قدر المعروف الذي قدمته للناس»!!

فضول معرفة ماذا قدمت هذه الزميلة الفاضلة لم يكن يشغل بالي أبداً، ولم أسأل حتى ماذا حدث، إلا أنها بادرت بسرد قصتها بعد أن وجدت «العم أصمخ»، فقالت لي «اليوم ساعدت كثيراً من أولياء الأمور ممن أعرفهم وممن لا أعرفهم وأعتقد أني ساعدت أغلب أولياء أمور البحرين من نفس المرحلة الدراسية»، هنا أصابني الفضول بالفعل، ماذا فعلتِ يا فلانة؟ فقالت «اليوم كان امتحان نهائي لابنتي في إحدى مواد المرحلة الثانوية ومنذ البارحة وأنا أراجع المادة وأجري اتصالاتي مع أهل الاختصاص»، «أنا» مهلاً يا أختاه! امتحانك أنتِ أم ابنتك؟ «أختاه» «امتحان ابنتي، إلا أني ومنذ فترة طويلة ملتزمة بحل امتحاناتهم ورفع واجباتهم، كما حال كثير من الأمهات». طبعاً هذه ليست بالمعلومة الجديدة التي قدمتها أختي الزميلة، إلا أن ما قامت به إجرام بحق مستقبل بلد بأسره، فما قامت به الأخت هو أنها مع مجموعة من أولياء الأمور شكلوا شبكة تواصل خاصة بهم ومن خلال هذه الشبكة يتبادلون أجوبة الامتحانات، والأدهى والأمر بأن هناك «مدرس» يقوم بحل الأسئلة وتسليمها للأخت وبدورها تقوم بنشرها لأولياء الأمور تحسباً للأجر عند الله سبحانه وتعالى. انتهت الأخت من سرد قصتها وأحداث عملها العظيم، وكيف أنها راضية وتحتسب الأجر بعد أن ساعدت كثيراً من الأمهات والطلبة مرددة وهي ترفع أيديها «الحمد لله الحمد لله، الله قدرني أكون عوناً للناس»!! وهنا أول الكلمات التي نطقت بها «أختاه، قلبك عامر بالإيمان».

أختاه ما فعلتِهِ لم يكن عملاً بطولياً ولا عملاً تستحقين الأجر عليه، بل جرماً تستحقين أنت ومجموعة من أولياء الأمور والطلبة العقاب عليه، فما فعلتموه لم يكن جرماً في حق مجموعة بل في حق ومصير ومستقبل بلد ينتظر أجيالاً قادمة معولاً عليها أن تمسك دفة العمل وتكون جزءاً من فريق البحرين في المستقبل. والمجرم الأكبر من هؤلاء هو ذلك المدرس أو المعلم -والمعلمون الشرفاء منه براء-، الذي خان أولى أمانته مسؤولياته تجاه ربه وتجاه عمله وتجاه المجتمع، فهو بفعله وأياً كانت أسبابه ظلم شريحة كبيرة من الطلبة الذين يسهرون ويعتمدون على جهدهم في تحقيق النجاح، هذا المدرس التافه جعل من هو لا يستحق في مقام من يستحق، هؤلاء لا يكفي معهم فصل من الخدمة فقط بل اتهامهم بإفساد مستقبل البلد.