«عندما تطرق المصيبة الباب، يكون الأصدقاء نياماً»، مثل تشتهر به مدينة بولونيا الأوكرانية، والتي لم تحسن تدبر هذا المثل وتطبيقه على أرض الواقع، وهو حال السياسة الأوكرانية التي وثقت بالوعود الأمريكية وشربت المقلب.

ففي ديسمبر الماضي، حذر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن نظيره الروسي سيرغي لافروف من أن روسيا ستواجه «عواقب وخيمة وثمناً باهظاً» من جانب الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين إذا قامت بعمل هجومي آخر ضد أوكرانيا، وقتها نسيت أوكرانيا المثل وهو أن الصديق الصدوق حان موعد نومه، وأخذت في إغاظة الدب الروسي الذي كانت تحذيراته واضحة بأن لا تشكل الحدود الأوكرانية خطراً على الأمن الروسي عن طريق وضع قدم لقوات أجنبية قرب حدودها.

الوعد الأمريكي المنسي لأوكرانيا والمتمثل في «مذكرة بودابست 1994»، بأن تسلم أوكرانيا الترسانة النووية التي ورثتها من الاتحاد السوفيتي لروسيا مقابل أن تضمن الولايات المتحدة وحلفاؤها أمن أوكرانيا، وأين هي من الوعد؟!

عدة وعود جعلت من أوكرانيا ضحية سياسة نشر الفوضى حول العالم التي تتبعها أمريكا بشكل كثيف مؤخراً، وفي السابق أطلقت السياسة الأمريكية عدة أكاذيب أو وعود للعالم وللشعب الأمريكي تعدهم فيه بعالم يملؤه السلام والازدهار، مقابل السماح لها بالتدخل وتغيير الواقع، وهو ما قامت به سابقاً مع حكومة جنوب فيتنام بحجة منع التوسع الشيوعي ونشر الديمقراطية وفي الأخير تركت حكومة الشمال تحت رحمة الشيوعيين بعد الهروب الممزوج بالعار من فيتنام.

كما أن الوعد الأمريكي للشعب العراقي الذي كان يعتبر من أكثر شعوب المنطقة تطوراً وقتها وثقافة، بإسقاط نظام صدام حسين -مع اختلافنا مع صدام وتعاطفنا مع الشعب- وجلب الديمقراطية كان الكذبة الكبرى خلال القرن الماضي والحاضر، هذا الوعد الذي أعاد بلداً متطوراً مثقفاً قوياً إلى نقطة الصفر وللعصور البدائية.

أمثلة الوعود الأمريكية كثيرة آخرها الوعد الأمريكي لتايوان، والتي نقول لها «كان يا مكان.. بلد اسمه تايوان»، فلم ولن تقف الولايات المتحدة يوماً ضد دولة مثل الصين أو روسيا مهما عظمت وعودها للعالم، فكل ما تسعى إليه هو الفوضى الخلاقة وإبقاء الصراعات مشتعلة في كل مكان في العالم.

على العالم أن يحفظ المثل البولوني جيداً ويعي أن الولايات المتحدة ستنام وستنكث بجميع وعودها إلا لطرف واحد فقط، طرف تعتبره محقاً وأن أخطأ، طرف مظلوم وأن ظلم، طرف ضحية وإن سلب، طرف يعادل كل الأوطان رغم أنه بلا وطن.