حينما تتحدث عن جلالة الملك المعظم حفظه الله وعن مشروعه الإصلاحي وعن النقلات الجبارة التي نقل فيها البحرين إلى آفاق أوسع وصناعته لمستقبل جميل لبلادنا وأهلها، فإنك بالضرورة تقف طويلاً أمام كلماتك المنتقاة؛ لأنك تتحدث عن تاريخ صنعه من ذهب قائد ووالد وإنسان لا مثيل له.

حينما اتصل بي الإخوة في تلفزيون البحرين، للتعليق على الخبر الرئيسي في نشرة الأمس، والذي يتحدث عن رؤية جلالة الملك الثاقبة بشأن المشروع الإصلاحي ودعمه السامي، استرجعت الذاكرة إلى البدايات، وكيف بدأ قائدنا الشجاع عهده الإصلاحي ومشروعه الكبير بإطلاق ميثاق العمل الوطني الذي حظي بتصويت ساحق وتاريخي بلغ 98.4%، والذي أثبت الحب والولاء والثقة المطلقة من هذا الشعب الكريم لملكه العظيم بإنسانيته وأبوته.

ملكنا المعظم أعاد الحياة البرلمانية، وكانت الرسالة الملكية واضحة، مفادها تقدير الناس والاهتمام بآرائهم وتطلعاتهم وطموحهم، وذلك عبر إشراكهم في عملية صناعة القرار والتشاور مع السلطة التنفيذية، عبر اختيارهم الحر لممثليهم ليعبروا عن أصوات ورأي الناس ويوصلوا تطلعاتهم.

وبعد عقدين من الممارسة الديمقراطية وفي ظل الدعم الكبير واللامحدود من ملكنا العظيم، تعتبر تجربتنا البرلمانية واعدة، ولكنها رفعت من اسم البحرين كثيراً في المحافل الدولية، وخاصة أنها كانت منطلقاً لمزيد من الحريات والحراك الديمقراطي وأسهمت في صدور تشريعات طورت من العمل الحكومي وزادت من الخدمات المقدمة للمواطن، بل ساهمت في تمكين المرأة البحرينية وتعزيز موقعها كعنصر فاعل في بناء الوطن، وخاصة حينما أوصلت للمرة الأولى سيدة لترأس البرلمان.

نقول إن التجربة واعدة، ونتعلم منها، ونتطور معها وهي تتطور، فيها من الأمور الكثير، نصلح ونعدل وتتطور القناعات والوعي لدى الناخب، وكذلك تزيد المسؤوليات على النائب الذي عليه أن يمثل الناس خير تمثيل، دون نسيان المنجزات العديدة التي تحققت والتي ينبغي البناء عليها وتطويرها بما يخدم الوطن وأهله.

جلالة الملك حفظه الله قدم لنا الآلية والطريقة التي بها نساهم جميعاً في بناء الوطن، ووعينا زاد خلال هذين العقدين، والحراك تطور، والمواطن بات يقيم الأداء بكل حرفية، ولذلك هو يبحث دائماً عمن يمثله التمثيل الصحيح والأفضل، وبالتالي هذه التجربة لا بد لها من النماء والتطور، ولا بد لها من أن تزيد في قوة تأثيرها عبر التشريع المفيد للناس، وعبر التفعيل القوي للآليات الدستورية المكفولة، من رقابة ومساءلة وحفاظ على مكتسبات الوطن وأهله.

هذه الأجواء كلها لم يكن لها أن تتحق لولا وجود ملك وقائد شجاع كوالدنا العظيم حمد بن عيسى، ولم يكن لها أن توجد أساساً إلا بفضل رؤيته الملكية السامية التي جاءت من حبه للبحرين ولأبنائه الذين مكانهم دائماً وأبداً في قلب وعين بوسلمان، حفظه الله ورعاه.