تذكرون مقالاً سابقاً دعوت فيه الوزير أن «يطق بشته ويروح السعودية أو الإمارات» وضربنا مثالاً بحركة المرحوم وزير الأشغال السابق الأستاذ يوسف الشيراوي الذي كلما تعقدت أمور تجارية أو صناعية أو اتصالية أو مواصلاتية بيننا وبين أي دولة خليجية تحرك بسرعة «طق بشته» وذهب بنفسه وعالج المشكلة.

اليوم بنتنا فاطمة الصيرفي -ولو أنها لا تملك بشتاً- لكنها تحركت وذهبت للسعودية وعقدت اتفاقاً مع وزارة السياحة السعودية بجعل البحرين والسعودية وجهة سياحية واحدة.

ماذا يعني ذلك؟ يعني أن الترويج السعودي للسياحة في السعودية سيشمل البحرين في أي عروض ترويجية قادمة وهذا مكسب كبير للبحرين نظراً لإمكانية الترويج السعودية الضخمة، ونظراً للأعداد المتوقع قدومها للدولتين.. على الأقل البنت تحركت.. برافو.

ننتظر من وزير التجارة ولدنا الشاب وهو من عائلة تجارية معروفة أن يتحرك هو الآخر -ببشت أو من غير بشت- ويصحب معه أعضاء من الغرفة التجارية ويبحث مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية سد الاحتياجات من المواد الغذائية للبحرين المصنعة والمزروعة والاتصال بالتاجر والمزارع السعودي، فهناك ما شاء الله من خيرات الأرض ومن مصانع للأغذية ما يكفي ويفيض، وأحياناً تجرى المزادات وتباع بأرخص الأسعار، فإن تعنت تجارنا فليدخل السوق جدد يملكون تسهيلات تمكنهم من سرعة العمل والاستيراد.

مشكلتنا مع تجار الأغذية الاحتكار كموردين والاكتفاء بمصادر الاستيراد المحددة، وليت ما يصلنا يمر على مختبرات الجودة، فما يصلنا سعره أغلى من أي دولة خليجية ونوعيته أسوأ ما يصل للمنطقة.

لا أريد أن ألقي اتهامات لإخواننا التجار إنما قد يكون كسلاً، واكتفاء، وعدم وجود منافسة، وعدم دخول تجار جدد، وقلة نقاط البيع، وضعف المنتج المحلي.. إلخ، المهم نتاج هذه الأسباب كلها كما قلنا أغلى الأسعار وأسوأ المنتجات.

طيب.. تحركوا للبحث عن بديل.. مصر على سبيل المثال اضطر أن يتدخل الجيش لكبح الأسعار والإنتاج، فدخل مجال زراعة وصناعة الأغذية فهناك مصانع ومزارع غذائية يملكها الجيش ويطرح منتجاتها في السوق، ما ساعد في كبح جماح الأسعار في المواد الأساسية كثيراً، واليوم من أجل أن يمنح صندوق النقد قروضه لمصر يطالبها بانسحاب الجيش من السوق لأنه بات ينافس التجار! صندوق النقد لا يهمه أن يعاني المستهلك المصري، صندوق النقد يريد ضمانات تسديد قروضه وليمت المصريون جوعاً.

ليس بالضرورة أن نكرر التجربة المصرية، إنما القصد بضرب هذا المثل أنه أحياناً الدولة تتحرك وتدخل السوق أو تزيد من قدرتها الإشرافية والرقابية لتسد الفجوة إن دعت الضرورة من أجل الأمن الغذائي وفك الاحتكار والسيطرة وتخفيف العبء عن المواطن، فلا تقف الدولة وكأنها عاجزة تاركة المياه تمشي من بين أصابعها بحجة حرية السوق واقتصاده.