بات من المعروف أن وجود مكاتب لحركة حماس في الدوحة كان بأمر من أمريكا واستجابت الدوحة لهذا الأمر، ووفّرت لهم كل سُبل العيش من إقامة ورواتب، وتحمّلت جميع تكاليف معيشتهم، بل إن رواتب الجناح التنفيذي لحماس في غزة كانت ترسل من الدوحة عبر تل أبيب لتصل إلى غزة عبر السفير القطري في حقائب دبلوماسية، كلّ هذا معروف للجميع، إنما صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» سربت مزيداً من المعلومات حول العلاقة الخفية بين إدارة بايدن وهنية بشكل مقصود لتضع حدّاً لضغوط الإدارة الأمريكية عليها من أجل مزيد من المرونة حول مسألة الدولتين.

فكشفت الصحيفة عن دور تلك الإدارة في حماية حماس والإبقاء على وجودها في قطر، رغم أن الدوحة عرضت طردها على وزير الخارجية الأمريكية في اجتماعه في الدوحة بعد السابع من أكتوبر مباشرة، فماذا نشرت التايمز الإسرائيلية؟

«اقترح أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني طرد قادة حماس من الدوحة خلال لقاء مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بعد أيام من الهجوم الذي شنته الحركة في 7 أكتوبر، حسبما قال مسؤولان مطّلعان على الأمر لتايمز أوف إسرائيل.

تمّ تقديم هذا الاقتراح بطريقة ملتوية إلى حدّ ما خلال الكلمة الافتتاحية للأمير في اجتماع مغلق في 13 أكتوبر في الدوحة مع بلينكن. بدأ أمير قطر بالتعبير عن رعبه إزاء هجوم حماس الذي قُتل فيه حوالي 1200 شخص في إسرائيل وتمّ اختطاف 253 آخرين في غزة. ثم سأل عمّا إذا كان الوقت قد حان لكي تطلب الولايات المتحدة من قطر طرد قادة حماس، حسبما قال المسؤولان اللذان تحدّثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما». انتهى

وعلى غير المتوقع كان رد بلينكن بالرفض القاطع وأمر ببقاء هنية وجماعته في الدوحة وحجته أنه يحتاجهم من أجل المفاوضات كوسيط بين الإدارة الأمريكية وبين السنوار لإطلاق سراح الرهائن!!

الاعتراضات على تواجد مكاتب لحماس في الدوحة واستضافة زعمائها بدأت تتزايد حدّةً داخل أروقة الإدارة الأمريكية وفي الكونغرس الأمريكي وخاصة من مجموعة من الجمهوريين، ما دفع بالدوحة إلى تذكيرهم بأن ذلك تم بطلب من الإدارة الأمريكية، والجديد أنهم عرضوا طرد الجماعة بعد السابع من أكتوبر، لكن إدارتهم هي التي رفضت!

للعلم الأعضاء وأُسرهم يقيمون في تركيا معظم أوقاتهم على نفقة الدوحة أيضاً، فعملية «طردهم» ستكون رمزية، وخاصة إذا استمرت الدوحة في دفع تكاليف معيشتهم في تركيا!

ما هذه العلاقة الأمريكية مع هنية؟ قبل السابع من أكتوبر وبأمر من الإدارة الأمريكية تستضيفه قطر، وبعد السابع من أكتوبر تضايقت قطر من الضغوط التي تواجهها من الإعلام الأمريكي فعرضت طرد هنية وجماعته، لكن الإدارة الأمريكية مازالت متمسكة به!

إذاً دعكَ من كلّ ما يجري خارج هذه المساحة سواء على ملعب الإعلام وملعب وسائل التواصل الاجتماعي حول العداء الأمريكي للحركات الإسلامية، هناك عقد زواج كامل الشروط بين تلك الجماعات وبين الإدارات الأمريكية المتعاقبة، بشرط أن ينشط الطرفان في إظهار العداوة إعلامياً من أجل قطيع من البشر يعتقد أن ما ينشر لهم ويسوّق لهم هو الواقع.

العلاقة لم تعد خفيّة بين الإدارة وبين هنية، وحجة حاجتهم إلى وجودها في الدوحة من أجل المفاوضات دحضها وجودهم قبلها برعاية أمريكية.

الإدارات الأمريكية المتعاقبة تبنّت استراتيجية واحدة، هي أن ترعى جميع الحركات الإسلامية التي تشكّل تهديداً للأنظمة وترفض أي محاولة للقضاء عليها؛ فهي كلبها الذي تربيه.

إنما «الرك» على هذا القطيع الذي يصفّق للتصريحات الإعلامية، فدونه لن تنجح المشاريع المهددة لنا، أي أن هذا القطيع يصفّق كلما أصابته السّهام ويرقص على هزائمه وخداعه، معتقداً أنه يصفق لأبطال رفعوا الرأس، «هيك ناس.. بدهم هيك خصوم» يعرفون مدى غبائهم ويستغلونه.