على مدار الأسبوع الماضي تداول الناس مقاطع من مداخلات النواب في الجلسة الأخيرة التي تم فيها مناقشة التقرير الخاص بطيران الخليج، وذلك من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، فالصحافة لم تنشر مداخلاتهم كاملة، لذلك احتاط النواب بتسجيل مداخلاتهم والعمل على نشرها عبر وسائل التواصل وكان ذلك كفيلاً بوصولها إلى مجالس الناس في البحرين بل وإلى خارج البحرين!!

ونتيجة انضباط والتزام الصحف بعدم النشر "وتلك حكاية بحد ذاتها" لم يتح للناس الاستماع لردود الحكومة إن كانت مفحمة وكافية للرد على ما طرحه النواب من اتهامات خطيرة جداً بالفساد وسوء الإدارة وتضارب المصالح وشبهة المنفعة الشخصية ومعاناة البحريني الموظف ورفاهية الأجنبي... إلخ، وهذا غيض من فيض مما دار في الجلسة من تهم تكفي -إن صحت- للإطاحة بمجلس الإدارة في الحال استباقاً لاستجواب وزير المواصلات الذي ينوي النواب تقديمه.

فمن يعتقد أن "ضبط" الصحافة كافٍ لمنع وصول الأخبار للناس فإنه واهم، بل العكس هو الصحيح فإن هذا الضبط مدعاة لمزيد من الاهتمام والسعي من خلال وسائل أخرى لمعرفة ما الذي تريد الوزارات منع وصوله لهم، والنتيجة أن الصورة تصل حتى وإن كانت غير كاملة، ومن الخاسر؟ الوزارات.

ثانياً الاتهامات التي وجهها النواب وتداولها الناس كثيرة ولكنني سأقف عند واحدة فقط وهي شبهة "تضارب المصالح" وهي ذات المبرر الذي من أجله منع على الموظف أن يمارس نشاطاً تجارياً، ورفضت السلطة التشريعية تمرير مقترح يقضي بذلك بسبب تضارب المصالح الوارد والممكن، لكن السلطة التنفيذية لم تمنع عن الوزراء ولم تتحصن ضد هذا الاحتمال وهنا خلل كبير يجب أن يعالج.

إذ مع احترامي للشخوص من الوزراء وتنزيههم عن التهمة، ومع احترامي للعوائل والأسر التجارية البحرينية العريقة المعروفة، ومع احترامي حتى لأي إجراء يتخذ لفصل شخصية الوزير عن ما يملك من سهام في الشركات العائلية التجارية، إلا أن الشبهة تبقى عقبة أمام أي منفعة تتحقق للشركة العائلية التي ينتمي لها الوزير مهما أخذت من احتياطات، حتى وإن دخلت المناقصات كغيرها ثم رست عليها، إلا أن الشبهة ستظل تحوم حول الصفقة وهي عقبة لا تحتاجها الحكومة من أساسها فلم تتمسك بها.

رحم الله "بوطلال" الوجيه محمد المناعي، حين عرض عليه المرحوم سمو رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة منصب وزير التجارة اعتذر لذات الأسباب وتفهم سمو الشيخ خليفة اعتذاره بل إن ذلك الموقف وتلك الصراحة زادت من احترامه.

ذلك ليس اتهاماً لأي من الوزراء الذين ينتمون للعوائل التجارية، إنما هو تحصين للمناصب من أن تحوم حولها الشبهات تلقائياً بهذا المزج وذلك التضارب في المصالح والذي من أجله منع الموظف من ممارسة اي نشاط تجاري، إن منح الحقائب الوزارية لمن يملك حصة في سجل تجاري هو تناقض لا نجد له تفسيراً، نتمنى تداركه والابتعاد عما يثير الشبهات وتحصين الحقائب الوزارية منها.

أما بقية الاتهامات الخطيرة التي حفل بها التقرير والتي تداخل فيها النواب فيحتاج الناس أن يسمعوا ردود الحكومة عليها واحداً واحداً دون القفز على أي منها فما تركته المداخلات من تذمر واستياء لدى الناس كبير جداً.