جاءت جائزة الدانة للدراما التي أطلقها سمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس الهيئة العامة للرياضة رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية من ضمن مهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون لتؤكد صحة اختياري للمسلسل الذي كان أكثر عمل درامي أقبلت عليه في شهر رمضان الفائت، حيث قدمت له أربعاً من جوائزها الفرعية، وهي أفضل مسلسل اجتماعي وأفضل نص وأفضل إخراج وأفضل ممثل ليكون صاحب أكبر عدد من الجوائز الفرعية.

وواضح أن الدراما الخليجية كانت بحاجة إلى جائزة بمستوى جائزة الدانة شبيهة بالأوسكار لتزيدها تحفيزاً وتعطيها الفرصة والمساحة للتسابق والمنافسة. وأرى أن جوائز الدانة التي حصدها المسلسل ستحفز الدراما السعودية على الاستمرار في تقديم أعمال مميزة وستدفع المسلسلات الخليجية إلى الارتقاء بمستواها.

وقد ذكرت في مقال سابق أن المسلسل الذي حرصت على مشاهدته منذ بداية شهر رمضان هذا العام كان المسلسل السعودي «خيوط المعازيب» لأنه عمل درامي تقع أحداثه في مكان جديد بالنسبة للمشاهد، حيث يركز على مجالس خياطة البشوت في الستينيات من القرن الماضي في الأحساء السعودية. وأيضاً كانت أحداث القصة مشوقة واللهجة المستخدمة في الحوار جذابة وأداء طاقم العمل كان مؤثراً وهي كلها عوامل جعلتني أتابع هذه الدراما «الحساوية» وأستمتع بمشاهدتها.

مسلسل «خيوط المعازيب» كان جيداً فعلاً والفنان المخضرم عبدالمحسن النمر صاحب جائزة أفضل ممثل أظهر تفوقاً كبيراً في تنوع الأداء من خلال شخصية (بوعيسى) المتكبرة والطماعة والتي لن تفارق الأذهان سريعاً وإن كانت شريرة ومزعجة. أيضاً يلاقيه في تميز الأداء المخضرمان إبراهيم الحساوي وسمير الناصر والنجمة ريم إرحمه والكوميديان علي الشهابي والصاعدة دانة آل سالم. فكل مشهد فيه عدد من الممثلين القادرين على الأداء المقنع دون تذبذب في المستوى، ما يجعل المتابعة ممتعة.

أما أحداث القصة التي ألفها حسن العبدي فجاءت متعددة المحاور ومتشابكة بشكل ذكي وتتناول قضايا إنسانية عامة مثل الجشع والانتهازية والاحتيال، بالإضافة إلى تناولها لعلاقة الأبناء بالآباء وتسليطها الضوء على التحول في المجتمع من مجتمع حرفي يعمل أفراده بأيديهم إلى مجتمع يتعامل مع الآلات.

والمميز في «خيوط المعازيب» كما ذكرت هو المكان الذي تقع فيه هذه القضايا، وهو مجتمع الأحساء مع بدايات اكتشاف البترول في السعودية. فمكان الأحداث أضاف رونقاً جديداً لم يألفه المشاهد وجعله يطلع على لمحات من حياة منطقة من مناطق السعودية قبل أن يأتي زمن البترول. ويبدو أن التركيز على المكان كذاكرة وحياة وتاريخ توجه جديد يقبل عليه القائمون على الدراما في السعودية وهو إن صح التخمين توجه ناجح جداً ويستحق الاستمرار فيه.