على خلاف العادة في بعض الجهات العامة أو الخاصة الذين يدركون أن الرد على اتصالات المراجعين من صلب عملهم، ولكن الإيجابَ مرهونٌ بِطالِعِ مزاجهم غير المفهوم. فإنه لا يزال هناك أناس يعملون بضمير، وهو ما دعاني لأن أشارككم ما حصل معي منذ أسبوعين حين أردت التواصل مع إحدى المؤسسات الحكومية، وعلى وجه التحديد مع مكتب التنسيق والمتابعة للأمانة العامة لمجلس التعليم العالي.
فالبداية كانت بالبحث عن رقم الهاتف الذي من الاحتمالية أن إذا اتصلت به أَجاب، وطبعاً تم تزويدي بمجموعة من أرقام مختلفة وأصبحت أتصل بواحد تلو الآخر. وآخر المطاف زودتني صديقتي ببريد إلكتروني قائلة لي: «جربي حظك.. راسليهم وإن شاء الله يكون فالك طيب!». بالطبع شكرتها على تعاونها، إنما في الواقع انتابني شعور بالإحباط عميق، ومحدثة نفسي: «بريد إلكتروني!!! يعني بعض الناس تتجاهل الرد على الهاتف الذي يكون بين يديها أتظنين الآن سيعيرون اهتماماً أو سيَرَونَ بريداً إلكترونياً!!» ولكن لا يمنع من أخذ شرف المحاولة، وبالفعل راسلت أصحاب البريد الإلكتروني ودونت اسمي ورقم الهاتف في أسفل الرسالة متمنية أن يتم التواصل معي للأهمية. إلا أن الصدمة كانت في غير المتوقع، وبأقل من دقيقة، رنّ هاتفي والسيدة على الخط الثاني تسألني عن الطريقة التي يمكن أن تساعدني بها؟
وصدمتي من سرعة الرد، تلعثم كلامي ونسيت سؤالي والاستفسار وشعرت للحظة أنني أتواصل مع إنسان خارج الكوكب!!
فالمفارقة الكبيرة التي صارت، أنه قبل 24 ساعة من بريدي الإلكتروني ذلك، كنت قد سمعت خطبة خلال أحد اجتماعات التوست ماسترز؛ فالخطيب كان يحدثنا عن معاناته ومعاناة الأغلبية مع بعض الموظفين في المؤسسات الحكومية أو حتى الخاصة، وكيف أنه اضطر شخصياً إلى أن يترجل من مكان عمله متجهاً إلى الجهة المقصودة في منطقة أخرى فقط لكي يحسم أمر معاملة رأس مالها لا يتجاوز «نعم أو لا».
فالسؤال على بالي دائماً، متى سيتم الحد من هؤلاء قليلي الذمة والضمير في العمل والذين يعتبرون أن التسيب فهلوة، والاستهتار شطارة، والأسلوب اللئيم نوع من أنواع البريستيج؟!