قرار تاريخي ذلك الذي أصدرته محكمة العدل الدولية مؤخراً، باعتبار الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة، أراضيَ محتلة، وأن على إسرائيل إنهاء وجودها في تلك الأراضي في أسرع وقت ممكن، ويُعد هذا القرار كذلك محرجاً لكل الدول التي أيدت إسرائيل ودعمتها في احتلال الأراضي الفلسطينية سنوات طويلة.
هذا القرار يمكن اعتباره من أبرز القرارات الصادرة لصالح فلسطين، حيث إن مجرد إدانة إسرائيل ووصفها بالمحتلة للأراضي الفلسطينية يُعد نصراً، وقد يكون للقرار أبعاد مستقبلية تصب في صالح القضية الفلسطينية، وخاصة أن اسرائيل سعت طوال السنوات الماضية لتأكيد أنها دولة «غير محتلة» لفلسطين، وأن ما يدور بينها وبين الفلسطينيين هو مجرد «نزاع» على أراض وليس احتلالاً، وهذا تحايل والتواء معروف عن إسرائيل بهدف نسف القضية الفلسطينية واقتلاعها من جذورها، وهذا ما لم تقر به محكمة العدل الدولية، بل جاء قرارها المذكور عكس الرغبة الإسرائيلية تماماً.
والسؤال الأكبر هنا، هل سيؤثر قرار محكمة العدل الدولية على إسرائيل وداعميها؟ وأعتقد أنه نعم سيؤثر، ولكن هذا التأثير لن يكون في الوقت الراهن، بل إن إسرائيل مستمرة في جرمها على الأشقاء اللفلسطينين، وبالذات هجومها واعتداءاتها على قطاع غزة، وارتكابها المجازر تلو الأخرى في حق الفلسطينيين هناك، ولكن قرار المحكمة هذا قد يكون صعباً ومحرجاً في ذات الوقت على دول دأبت على دعم الاحتلال الإسرائيلي، حيث ستجد تلك الدول صعوبة وإحراجاً إن عملت ضد هذا القرار الدولي، الذي يمكن اعتباره مربكاً ومعطلاً كذلك لمخططات إسرائيل في بناء المزيد من المستوطنات في الأراضي المحتلة، وكان آخرها قبل شهر تقريباً، عندما قررت إسرائيل توسيع الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة.
إن الدول الغربية وتحديداً الولايات المتحدة مطالبة، بعد قرار المحكمة، بمراجعة مواقفها بشأن الدعم اللامحدود الذي تقدمه منذ سنوات طويلة لإسرائيل، ونفس الأمر ينطبق على كل دولة تدعم هذا الكيان المحتل للأراضي الفلسطينية، والتي تعودت على التبرير والتعذر لإسرائيل عندما تنتهك الأراضي الفلسطينية، وتُهجر ساكنيها غصباً وقهراً وظلماً، حيث إن قرار المحكمة الدولية ينسف كل تلك المواقف للدول الداعمة لإسرائيل والمطالبة باحترام هذا القرار، باعتباره صادراً عن السلطة العليا المتخصصة في القانون الدولي، وفي الفصل في النزاعات التي تنشأ بين الدول.