هناك حاجة إلى توسيع مدارك المعنيين بالابتكار في القطاعين العام والخاص، والخروج من بوتقة العمل النمطي والتقليدي، والابتعاد عن الخوف من المخاطرة بالتغيير والقفز بعيداً عن الواقع الجامد، فلدينا القدرات والإمكانات البشرية التي تُحاكي ما يوجد في الشرق والغرب، إلا أنه ينقصنا القناعة بأهمية ذلك والثقة في المعنيين المتخصصين في تغيير هذا الواقع وتخصيص الموازنات لترجمة أفكارهم وخبراتهم الواسعة وشبكاتهم الإقليمية والدولية الكبيرة في توفير ممكنات تُحفز الابتكارات، وتوفر عناصر تسريعها وتحويلها لمشروعات ابتكارية حقيقية على الأرض وتوصلها لآفاق واسعة حيث لا تتمكن المنظومة الحالية من تحقيق ذلك لفقدان عناصر التمكين أو تدنيها أو نقص أركانها ومقوماتها.

إن مُسرعات الابتكار تساهم في منظومة الابتكار والجهود التنموية بثلاثة طرق:
- المستوى الجزئي: Micro-level: تساهم مسرعات الابتكار بشكل مباشر في تعزيز قيمة الأفواج (المجموعات) من خلال توفير البنية التحتية المادية، والإرشاد، والتدريب، والتعلم، والتشبيك، وفرص الاستثمار وغيرها من أشكال الدعم والخدمات التي تمكّن تلك الأفواج من بلوغ أهدافهم الابتكارية وتأصيل قيمتها وتأثيرها المجتمعي والاقتصادي.

- المستوى المتوسط: Meso-level: لدى مسرعات الابتكار تأثير على المنظومة الأوسع من خلال المساعدة في بناء ثقافة ريادة الأعمال، وتطوير شبكات واسعة داخل مجتمع ريادة الأعمال. فثقافة ريادة الأعمال لها مخرجات بعيدة المدى من برامج التسريع تساهم في تغيير رأي المجتمع حول المهن الريادية والمرونة مع الفشل وتقبّله. وهذا يتحقق من خلال إطلاق أفواج مدرّبــة في الاقتصاد المحلي والإقليمي بعد تمكينهم بداخل المسرعات ثم تنظيم الفعاليات التي توحّد أقطاب المنظومة.

- المستوى الكلي: Macro-level: تصب خدمات مسرعات الابتكار وعمليات التسريع مباشرة في دعم اقتصاد الدولة والتكتل الإقليمي من خلال نشر المعرفة الحديثة المتقدمة، وخلق المشاريع الابتكارية وفرص العمل، والخدمات المتقدمة في الوساطة وتجسير الفجوات، والاتصالات والتشبيك مع مسرعات الابتكار الأخرى محلياً وإقليمياً، والخدمات المحلية والإقليمية المتصلة بمنظومات ريادة الأعمال.

كما أن دور مسرعات الابتكار التجمّعية في تطوير اقتصادات الدول يتأتى عبر تطوير القدرات الابتكارية لرواد الأعمال، وكذلك تطوير القدرات الابتكارية لرواد الأعمال الداخليين «Intrapreneurs»، وهم الموظفون المبتكرون في القطاعين العام والخاص، فضلاً عن تطوير قدرات طلبة الجامعات للإتيان بمشاريع تخرّج ابتكارية تصب في خدمة قطاعات الأعمال، كما تحد المسرعات من تداخل جهود دعم الابتكار والمبتكرين من قبل الجهات المعنية بالدعم كما هو الحال بوقتنا الراهن.