يتزامن الاحتفال بالذكرى العشرين لاتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والبحرين في الأسبوع نفسه الذي تصادف فيه الذكرى السنوية لـ«اتفاقية التكامل الأمني والازدهار الشامل».

وفي مقالة لإليزابيث دنت في تقرير المعهد الأمريكي لسياسات الشرق الأدنى بهذه المناسبة تقول «يجب على الولايات المتحدة استغلال هاتين الذكريين لتسويق البحرين كحليف موثوق به للقطاع الخاص. كما يجب أن تنظر في تلبية طلب المنامة إلغاء التعريفات الجمركية الأمريكية التي فُرضت في الأصل لحماية صناعة الألمنيوم في الولايات المتحدة. وبالإضافة إلى الاعتراف بالعلاقة المتطورة، فإن هذه الخطوة يمكن أن تساعد البحرين في أن تصبح مورداً موثوقاً للألمنيوم في وقت أدت فيه تكاليف الطاقة المرتفعة والمنافسة الصينية إلى تقليص الإنتاج المحلي الأمريكي.

وقد سبق لمجلس النواب في يناير من هذا العام أن طرح تساؤلا على وزير الصناعة والتجارة بهذا الخصوص، أي عن عدم تلبية الولايات المتحدة الأمريكية هذا الطلب البحريني الذي مضى عليه أكثر من سبع سنوات، والذي تقدمت به البحرين ليعزز موقعها كحليف موثوق كما تنص عليه اتفاقية «التكامل الأمني والازدهار» فكان جوابه بأن تلك التعرفة الجمركية لم تؤثر على صادراتنا من الألمنيوم للقطاع الخاص الأمريكي وخاصة في الألمنيوم والمواد الصناعية التحويلية، إذ بلغت 514 مليون دينار في عام 2022، بزيادة وصلت إلى 219% عما كانت عليه في عام 2018.

إنما الحق يقال إن الوزير كان صادقاً في ذكر سبب هذه الزيادة «أرجع ذلك الازدهار في هذه الصادرات إلى عاملين اثنين، فهذه الزيادة جاءت نتيجة لارتفاع أسعار الألمنيوم حول العالم من جهة، ومن جهة أخرى تميز المنتج البحريني من الألمنيوم بالجودة العالية، إذ يدخل في صناعات كثيرة في الولايات المتحدة الأمريكية، سواء كان سبائك أو لوائح أو أسلاكاً أو أياً من المنتجات التحويلية لقطاع الألمنيوم» «الأيام 31 يناير 2024»، بمعنى أن الزيادة لم تكن تلبية أمريكية لمطالب البحرين مضى عليها سبع سنوات واتفاقيتين إحداهما تتحدث عن الازدهار، إنما الصدف هي التي خلقت هذه الفرص للاستفادة من المنتج البحريني!

الخلاصة التي نود أن نصل إليها أن هذه الاتفاقيات التي تكون فيها الولايات المتحدة الأمريكية طرفاً، وتصل إلى مواضع امتحان لمصداقيتها ومدى التزام الطرف الأمريكي بها ومواقفها أقل من المتوقع -مع الأسف- تجد أن الطرف البحريني دائماً ما يجد المبررات للطرف الأمريكي مثلما وجدها حين اكتفت الولايات المتحدة الأمريكية بتصريح «شديد اللهجة» على استشهاد، «مقتل» جنود بحرينيين في الحد الجنوبي؛ بسبب قصف للحوثيين بأسلحة إيرانية، وكانت تلك الحادثة قد جرت «بعد أيام قليلة من توقيع الاتفاقية، حين أسفر هجوم بطائرة بدون طيار شنّه الحوثيون على طول الحدود السعودية اليمنية عن استشهاد «مقتل» أربعة أفراد من «قوة دفاع البحرين». ونظراً إلى أن الهجوم وقع على الأراضي السعودية، لم يُنظر إليه على أنه حالة اختبار لـ«اتفاقية التكامل الأمني والازدهار الشامل»، لكن من المرجح أن المنامة كانت راضية من التصريحات الأمريكية القوية التي أدانت الهجوم»، «إليزابيث دنت».

ختاماً

مملكة البحرين عرفت دائماً بالالتزام الحرفي بأي اتفاقية توقعها مع أي طرف احتراماً منها لكلمتها لا للطرف الآخر فحسب، وتسارع دائماً لتقديم البراهين على مواقفها الثابتة واحترامها لكلمتها إلى درجة أنها أحيانا لا تنتظر من الطرف الآخر المعاملة بالمثل، بل قد تجد له المبررات لتقاعسه، وهنا علينا أن نعيد حساباتنا.