مازلنا نذكر ذاك الحدث التاريخي المهمّ في حياتنا -نحن الخليجيين-، حدثٌ سطّر صفحات متتالية مهمّة في تاريخ دول الخليج العربي، وهو إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربي وذلك عام 1981، ليعبّر هذا المجلس عن روابط الوحدة الخليجية، فدول الخليجي العربي تربطها روابط ثقافية تاريخية اجتماعية، ويجمعها موقع جغرافي مشترك، فجميع دوله تُطلّ على مياه الخليج العربي، وتجمعها لغة واحدة ودين واحد، وعادات وتقاليد وثقافات مشتركة، وجذور وأصول واحدة، هذه العوامل المشتركة عزّزت مبادئ الوحدة بين تلك الدول ليكون أبناء هذه الدول شعباً واحداً مترابطاً متحابّاً، وقد عزّزت إنجازات مجلس التعاون لدول الخليج العربي الشعور بالوحدة والانتماء المشترك لأبناء هذه الدول، فجميعنا نذكر البرامج المشتركة لمكتب التربية لدول الخليج العربي والتي تربّى عليها أجيال وأجيال، نذكر منها البرامج التلفزيونية المشتركة مثل برنامج افتح يا سمسم والذي كان يعبّر عن ثقافة خليجية واحدة، وبرنامج سلامتك، ومازلنا نذكر المقرّر الدراسي «القدر المشترك»، وهي مقرّرات دراسية تُعزّز الثقافة المشتركة بين أبناء دول الخليج العربي، وتُعزّز التقارب المعرفي والقيمي بين أبنائها في عدة مواد دراسية مثل: الاجتماعيات والرياضيات واللغة العربية، أما كأس الخليجي العربي لكرة القدم فكان يضع هذه الوحدة الخليجية على خارطة العالم، ويُعزّز تبادل الخبرات والترابط والأخوّة بين أبناء هذا الشعب الواحد.

.

ولعل جامعة الخليج العربي بما تضمّه من كلّيات متخصّصة في علوم متنوعة إحدى أبرز الإنجازات التي تُعزّز الشعور بالوحدة الخليجية، تلك المسيرة الطويلة التي تضمّنت سلسلة من الإنجازات التي تُعزّز مبادئ الوحدة الوطنية لدى شعوب دول مجلس التعاون، والإحساس بالهوية الواحدة والانتماء المشترك وتعمّق الشعور بالمواطنة المشتركة لهذا الشعب الواحد، تلك المسيرة التي استمرت لأكثر من أربعين عاماً، ولتُتَوَّج هذه الإنجازات بإنشاء مشروع جديد مشترك بين مكتب التربية العربي لدول الخليج، وجامعة الخليج العربي، إنه الكرسي العلمي المشترك في الهوية والمواطنة الخليجية، ففي صباح الأربعاء الماضي الموافق التاسع من أكتوبر لعام 2024، وبحضور الدكتور محمد بن مبارك جمعة وزير التربية والتعليم، رئيس مجلس أمناء مجلس التعليم العالي، دُشِّن الكرسي العلمي المشترك في الهوية والمواطنة الخليجية، وتمّ توقيع اتفاقية إنشاء الكرسي المشترك بين مكتب التربية العربي لدول الخليج، وجامعة الخليج العربي، وقد عُقد على هامش هذا التدشين ندوة «التعليم من أجل المواطنة»، وندوة «إدماج التربية على المواطنة والقيم العالمية المشتركة في برامج إعداد المعلمين في دول مجلس التعاون الخليجي»، وقد شارك في هذه الحوارات عدد من الخبراء التربويين في دول مجلس التعاون الخليجي، كما قدّمت الدكتورة هالة سليمان رئيسة المكتب التنفيذي لمبادرة بحرينينا، ورشة عمل حول تجربة مملكة البحرين في تعزيز المواطنة تحت شعار «بحريننا.. معاً نصنع المستقبل»، وقد انتهى هذا اللقاء العلمي الثري بتوصيات حول «تعميق قيم الهوية الوطنية والمواطنة الخليجية».

.

إن هذا الكرسي العلمي المشترك يُشكّل خطوة مهمة في مسيرة تعزيز قيم التعاون والوحدة المشتركة وتنمية مبادئ الأخوّة الخليجية لدى أبناء شعب الخليج العربي جيلاً بعد جيل، وليظل خليجنا واحداً وشعبنا واحداً.. ودمتم سالمين.