ها هي أقلام الحياة تحاول مجدداً أن تلتقط حصادها بعد عام آخر مضى من حياتنا، تحاول أن تعيد رونق وجهها المشرق والباسم، لتعطيها خيالاً آخر من خيالات المشاعر، وطموح التغيير، وتفتح لها أكثر الآفاق سعة وجمالاً ونجاحاً، مستلهمة قواها من إيمان راسخ في القلب، ويقين صادق، وشحذ للعزيمة وإيقاظ للهمة، واتعاظ وتأمل في حوادث الدهر، واستفادة مثلى من تلك الهنات الحياتية المؤلمة التي مرت بحياتنا في سنة مضت من أعمارنا.
صفحة: مضى عام 2012 بكل أيامه ولياليه، وانطفأت معه شمعة أخرى من شموع العمر، وانطوت معه صفحة أخرى من أوراق الحياة، ورحلت معه تلك الدقائق الغالية الثمينة التي انقضت سريعاً بلا فائدة في مسيرنا نحو الله.. يا ترى ما هي المسحة الحانية التي تعطينا الأمل نحو الغد الأفضل؟ وكيف لنا أن نجدد إيماننا وحياتنا مع الله؟ وهل يا ترى نقوى بأن نجعل تلك الشطحات القاتلة، والأوقات الضائعة على حاشية صغيرة من أوراقنا، حتى نحولها إلى مشروع جديد في عامنا المقبل يجدد لنا عزم الحياة، ونصطبغ معه بصبغة إيمانية أخرى نطل بها في مسيرنا بإشراقات أكثر حيوية وبهاءً مما سبقها؟؟
صفحة: ورد في كتاب 2002 طريقة لتسعد حياتك: «إن الحياة رحلة مثيرة، وكل الأحداث التي مرت عليك فيها ما هي إلا تحولات كبيرة أو صغيرة في الطريق الذي تسلكه لرحلة الحياة. وتذكر أنه في وقت من الأوقات ستعود رحلتك إلى الطريق السليم لتكون رائعة مرة أخرى».
صفحة: المحاولة مرة تلو الأخرى للوصول وبنجاح لتوطين القلب عند واحة الملك الديان للفوز بالجنة الغالية.. هو النور الذي نستظل به من أجل أن ننعش قلوبنا في مسير الخير بالخوض في تجارب الحياة دون كلل أو ملل أو تذمر.
صفحة: انطوت صفحة أخرى من حياتك.. اخرج منها لصفحة أخرى جديدة، التفت قبل أن تخط سطورها الأولى إلى تلك الغاية الأسمى التي نسعى إليها جميعاً.. يقول الإمام ابن القيم: «اخرج بالعزم من هذا الفناء الضيق، المحشوِّ بالآفات إلى الفناء الرحب، الذي فيه ما لا عين رأت؛ فهناك لا يتعذر مطلوب، ولا يفقد محبوب».
صفحة: يقول ابن القيم رحمه الله: «من وطن قلبه عند ربه سكن واستراح، ومن أرسله في الناس اضطرب واشتد به القلق». دع عنك ما عند الناس، ولا تتبع ما عندهم، فنفسك أولاً هي من تنقلك إلى صفاء الخير إن أحسنت تعويدها على الخير، وكن مع الله في كل أمورك، ولا تتحسر على نعمة حرمت منها وتحصلها غيرك، بل كن نعم المتيقن بقضاء الله وبمعيته، وبحفظه لك، وبتوفيقه لك، بشرط أن توطن قلبك عند ربك وتثق بالنتيجة بعد حركات ناجحة من العمل والإنجاز في واحة الحياة.
صفحة: بعد انقضاء صفحة حياتنا الماضية، أحسست بأن هناك منطقاً غير متناغم كتبناه في صفحة عامنا الماضي، أثر جلياً على خطواتنا، وأبعدنا كثيراً عن ذلك الإيمان المتمكن في نفوسنا، وجعلنا نستغرق في آفاق السرحان دون أن نعي.. أن صفحات العمر تطوى.. وأعمارنا تنقضي.. وآجالنا تقترب. يا الله.. ما هذه الوتيرة المتسارعة التي أثقلتنا عن قربنا منك؟؟ ولكن.. انقل نفسك سريعاً للحياة بنفسك الواسعة، لا الضيقة التي تركنك لهموم ثقال، وقلق مستمر، وشجون وآلام لا تنتهي.. يقول أديبنا الرافعي رحمه الله: «إذا استقبلت العالم بالنفسِ الواسعة رأيتَ حقائق السرور تزيد وتتسع، وحقائق الهمومِ تصغر وتضيق، وأدركتَ أن دنياك إِن ضاقتْ فأنت الضيقُ لا هي».
صفحة: ما أجمل أن تعيش للإنسانية تكتب فيها كل خير، لا تنغلق على نفسك فحسب، ولا تركن إلى الدنيا، بل كن بلبلاً صداحاً في حدائق القلوب، وأزهاراً يقطفها من حديقتك كل من يمر عليك ويقرأ حروفك، ويسعد بهمساتك.. عش للإنسانية وأنت تحمل في حقيبتك تلك العلاقة الراسخة مع مولاك، فتساعد هذا وتنصح هذا وتمشي في حاجة هذا.. اكتب في صفحتك الجديدة.. أنك اليوم مصباحاً يضيء في مسير الآخرين.. يقول أديبنا الرافعي رحمه الله: «يقولُ لكَ الزَّاهدُ العابدُ: اخرُجْ منَ الدُّنيا وادْخلْ في نفسكَ. ويقولُ لكَ الماجنُ الخليعُ: اخرُجْ من نفسكَ وادْخلْ في الدُّنيا، ويقولُ لكَ الحكيمُ العاقلُ: كنْ في الإنسانيةِ تكنْ في نفسكَ وفي الدُّنيا».
صفحة: اللهم اجعل يومنا خيراً من أمسنا وغدنا خيراً من يومنا، اللهم اكتب لنا الخير حيثما كان ثم رضنا به، واجعل عامنا الجديد عام خير وسعادة وإنجاز وعطاء وبركة علينا جميعاً.. اللهم آمين.