جاءت الكلمة التي ألقاها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء نيابة عن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم في الجمعية العامة للأمم المتحدة، مجسدة للرؤية التي تتبناها البحرين منذ بداية المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظم حفظه الله لتحقيق السلام العالمي، خاصة وأن العالم يشهد حالياً توترات ونزاعات مسلحة مرشحة لأن تفضي إلى حروب إقليمية أو دولية تزيد من معاناة البشرية لما تحدثه من قتل وتدمير، وهو ما يقودنا إلى الحديث عن لب الموضوع المتمثل في قبول التعددية والتنوع الثقافي في إطار القيم الإنسانية المشتركة، وهي القيم التي تتبناها السياسة البحرينية الداخلية والخارجية، وعلى المستوى الدولي تجسّدها الأمم المتحدة والنظام الدولي اللذان قاما بالأساس على تعزيز السلام الدولي ودعم التعاون بين الدول، واحترام القوانين والمعايير الإنسانية التي وضعتها الأمم من أجل صيانة السلام، سواء في شكل قوانين دولية عامة أو إنسانية أو اتفاقيات وبروتوكولات دولية، وهو الأمر الذي لا يتحقق في ظل استخدامات القوة العسكرية المفرطة ضد المدنيين، أو ممارسة العدوان، وتجاهل حقوق الشعوب في تقرير مصيرها.

فهناك تناقض بين الموقف المساند لأوكرانيا ضد روسيا، وبين المساندة للقوة الإسرائيلية في عدوانها على الشعب الفلسطيني، وهو الشعب الوحيد عالمياً القابع تحت الاحتلال في عصر التنظيم الدولي والمناداة بالقيم الديمقراطية، فلابد أن يقوم المجتمع الدولي بصيانة تطبيق القانون الدولي وحماية المدنيين، ووقف إطلاق النار، والدخول الفوري في مفاوضات سلام تفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، إلى جانب إسرائيل.

من هنا جاءت دعوة جلالة الملك المعظم إلى ضرورة عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط من منطلق رئاسة المملكة للدورة الحالية لجامعة الدول العربية، كما دعا جلالته إلى الاستفادة السلمية من التقدم في مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتطور التكنولوجي، من خلال معاهدة دولية لتنظيم استخداماته في إطار دعم الابتكار والإبداع من أجل الازدهار والتنمية.

إن حماية حقوق الإنسان وكرامته هي مسؤولية مشتركة لجميع الأمم، ولا تنفصل على أمة أو دولة بعينها، وهو ما يستدعي إصلاح منظمة الأمم المتحدة وبخاصة مجلس الأمن الذي له دور كبير في صناعة القرار الدولي والذي لم يعد قادراً على اتخاذ قرارات مهمة في أوقات مصيرية من أجل حماية المجتمعات الإنسانية نتيجة للانعكاسات السياسية الدولية عليه، ومن ثم بات عاجزاً عن حماية الإنسانية وقيمها المشتركة، بل أصبح أداة سياسية تُستخدم للمنح والعقاب على سلوكيات سياسية معيّنة.