هل بدأنا نتنفس هزلاً وفكاهة ونكتاً جراء الأخبار السمجة والغريبة التي تتناقلها صحفنا وتحكي حالة اللامبالاة واللاشعور وانعدام الإحساس؟
سأسرد لك هذا الخبر وأترك لك الحكم عزيزي القارئ:
«أوصت لجنة المرافق العامة بمجلس النواب بالموافقة على مقترح نيابي بتحسين أوضاع أعضاء المجالس البلدية، عبر زيادة مبلغ المكافأة الشهرية التي يتقاضاها رئيس ونائب رئيس وأعضاء المجالس البلدية، مع منحهم علاوات اجتماعية وبدل سيارة وهاتف وتأمين صحي»، علاوة على ما طالبت به المجالس البلدية نفسها وأيضاً أمانة العاصمة، وشملت تعديل الوضع البروتوكولي لرئيس وأعضاء مجلس أمانة العاصمة، بحيث يكون الرئيس بدرجة وكيل وزارة، والأعضاء بدرجة وكيل مساعد، وصرف علاوة بدل تمثيل، وتأمين صحي شامل للأعضاء وأسرهم مع تخصيص اعتماد مالي لفتح مكتب خاص، ومنحهم جوازات سفر خاصة، وعلاوة هاتف وعلاوة اجتماعية.
«يا مال البخت»، يعني مواطنون مساكين يكدحون ليلاً ونهاراً، وفي عز قيلولة الظهر وحمرة الشمس، لا يتأففون ولا ينبسون بكلمة ولم يطالبوا بزيادة في رواتبهم، تقديراً منهم للوضع الاقتصادي الذي تمر به البلد، فيما الجماعة رغم أن إنجازاتهم صفر «ارجع إلى تصريح رئيس مجلس بلدي المحرق لصحيفة «الوطن» بتاريخ 24 مارس 2016»، يطالبون بما ليس لهم حق أصلاً، إذ كيف لمن لا يعمل وإنجازه صفر، أن يطالب بزيادة أو علاوة؟!
حسبي الله ونعم الوكيل..
تحس أن البحرين وكأنها غنيمة، الكل يتسابق لأخذ نصيبه منها، فجزء للنواب، وجزء للبلديين، وآخر للمتمصلحين والمتسلقين.. آه يا قلبي، العوض على الله..
يبدو أن الجماعة في كوكب آخر والعلم عند الله، لذلك وجب أن نذكرهم ونكرر عليهم ما قلناه من قبل: البلد في أزمة اقتصادية يا سادة..
نعيد ونكرر مرة أخرى «كثر التكرار يفيد الشطار»: يا سادة يا محترمين، البلد في أزمة اقتصادية طاحنة لم تمر بمثلها أبداً طوال تاريخها، وذلك إثر انخفاض سعر برميل النفط، واضح، ولن نحتاج لتكرار الكلام؟!
كان الواجب المفروض من المجالس البلدية أن تعمل على تحسين أوضاعها المالية بنفسها، عن طريق رفع قدراتها المؤسسية والتركيز على استخدام الموارد المتاحة من أراضٍ استثمارية وتهيئة الأجواء التي تساعد على جذب الاستثمارات لا أن ترجو من الدولة زيادة مكافآتها وعلاواتها وامتيازاتها!!
هذا المفروض وما يجب أن يكون، وبمناسبة الحديث عن الاستثمار والمعوقات والعقبات التي تواجه المستثمرين، إليكم قصة مستثمر بح صوته، ونشف ريقه، وجف لسانه ما بين المسؤولين في وزارة الصناعة والتجارة والسياحة والمسؤولين في وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني، وهو ومنذ 5 أعوام يدفع ثمن غياب التنسيق بين الوزارتين.
يحكي المستثمر مأساته بنفسه ويقول: «اخترت الاستثمار في منطقة سلمان الصناعية بالحد قبل أكثر من 5 أعوام، بعد أن تم تخصيص قسيمة صناعية برقم HD-SD10 من أجل مزاولة نشاط إنتاج الخرسانة المخلوطة والرمل، وذلك برأسمال بلغ 2 مليون دينار، مقسم بين شركاء بحرينيين وغير بحرينيين، ووفقاً لمتطلبات وزارة الصناعة والتجارة حينها، وافقنا على توقيع عقد مؤقت لإثبات جدية الاستثمار، على أن يتم تحويله إلى عقد نهائي بعد دراسة هذه الجدية، وبالفعل توصلنا مع وزارة الصناعة والتجارة والسياحة إلى تفاهم في سبتمبر 2015 يقضي بمنحنا عقداً مدته 25 عاماً بعد أن وافقنا على الزيادات المقررة في القيمة الإيجارية وسددنا إيجار سنة مقدماً بحسب طلب الوزارة».
إلى هنا والأمور طبيعية «والحياة بمبي» ولكن المآسي في الكلام الآتي..
يقول المستثمر: «لأن النشاط الذي نزاوله يحتاج إلى بعض الناقلات البحرية وحيث إننا لا نملك مرفأ خاصاً بنا، فكنا نستأجر بعض الأماكن في أحد المرافئ القريبة منا، ومع توصلنا إلى الاتفاق مع وزارة الصناعة، قدمنا طلباً لتخصيص قطعة أرض في البحر، ملاصقة لمصنعنا على أن نقوم بدفنها وتحويلها إلى مرفأ خاص بنا، وقد تفهمت الوزارة مشكورة مطلبنا المشروع، ووافقت على هذا التخصيص، وطلبت منا الحصول على موافقة وزارة الأشغال وشؤون البلديات للبدء في أعمال الدفان المطلوبة، وبالفعل تقدمنا بالطلب للوزارة المذكورة في 13 أكتوبر 2015، ولكن هنا اكتشفنا المفاجأة الكبرى التي لم تكن في الحسبان!! رفضت وزارة الأشغال منحنا الموافقة لوجود مشروع مستقبلي لإقامة جسر يربط بين منطقتي الحد وشمال سترة، بل إن المفاجأة التي أذهلتنا أن هذا المشروع سيأتي على 6 قسائم في المنطقة الصناعية من بينها القسيمة الخاصة بشركتنا، والتي استأجرناها من وزارة الصناعة».
كان هذا ملخصاً لما قاله المستثمر وهو يكاد يصرخ في التلفون ويقول: «خاطبنا كل الجهات المعنية لكن لا حياة لمن تنادي»!!
ماذا نقول؟ والله، الواحد عاجز عن الكلام ولا يعرف ماذا يقول، سوى نجواك يا خليفة بن سلمان، أتعبناك ولكن ما له إلا سموك.