يعود رمضان هذا العام بعد أن تجاوزنا جائحة كورونا نسبياً وبعد أن تم التخلي عن أغلب الإجراءات الاحترازية الرسمية وأصبح الناس أحراراً في اختيار الطريقة الأمثل لحماية أنفسهم من الفيروس ومتحوراته. وقد يكون هذا السبب وراء الانتشار غير المسبوق للزينة الرمضانية من فوانيس «الفنر» وأنوار لاحظناها معلقة على بعض منارات المساجد والكثير من أسوار المنازل وفي بعض الشوارع. فالناس على ما يبدو فرحين بالعودة إلى الحالة التي سبقت الجائحة.

وأذكر أنني كنت أستغرب أذا رأيت زينة أنوار معلقة على بيت من البيوت عندنا خلال رمضان والتي لم نكن نراها سوى في المدن الشامية كدمشق وبيروت وعمان وطبعاً في القاهرة. وكنت عندما أرى الأنوار معلقة على بيت هنا أخمن أن أهل البيت أصولهم من الشام أو مصر لكن لا يخطر في بالي إطلاقاً أنهم من البحرينيين، فالتزيين الظاهر والمعلن لا يتم عندنا إلا في مناسبات قليلة و ليس من ضمنها قدوم الشهر الفضيل.

ومن ضمن المظاهر الجديدة التي انتشرت أيضاً ما يعرف بنقصة رمضان وهي عبارة عن هدية مكونة من التمور وبعض أدوات تقديم الطعام والمشروبات من صحون وأكواب وفناجين يضاف إليها عادة قطعة قماش تهديها النساء لبعضهن البعض قبيل دخول الشهر الكريم بأيام احتفاءً به. وتبذل الكثير من النساء جهداً كبيراً لتجهيز «النقصة» وجعلها مختلفة رغبة في التميز. وأكاد أجزم أن هذه العادة قد جاءتنا من الكويت والتي اشتهرت بها حيث لم يكن لها أثر واضح عندنا في السابق.

ويبدو أن الأسرة البحرينية ومع كل حالة ارتفاع في الأسعار تقاوم الواقع وتبتكر طرقاً جديدة -أو تقتبسها- لتتحدى الغلاء ولتثبت لنفسها و للآخرين مقولة «يا جبل ما يهزك ريح» فهي مستعدة للصرف مهما كانت الظروف -وهي على ما أعتقد لا تلام على ذلك مبدئياً- ولو أن بعضها لا يتوقف عن الشكوى من ضعف الدخل أو زيادة الأسعار أو الضريبة!

وبلا شك أن شهر الخير والعطايا والكرم يستحق كل مظاهر الاحتفاء به ففيه ليلة خير من ألف شهر وفيه تغلق أبواب النار والحسنة فيه أجرها مضاعف بإذن الله. ومع الاجتهاد بالاحتفاء به والفرحة بقدومه علينا أن نذكر بعضنا البعض بأنه شهر عبادة في المقام الأول والفائز في رمضان هو من يجتهد فيما فرضه الله على عباده من صوم وصلاة وتلاوة القرآن والدعاء. غفر الله لنا ولجميع المسلمين ومبارك عليكم الشهر.