المعاناة من الازدحام المروري ليست بالمشكلة الجديدة. ففي كل عام في مثل هذه الأوقات تتكرر بالرغم من حرص الجهات المعنية - مشكورة - على تهيئة الطرق وضمان انسيابية الحركة المرورية، لكن هذا التحدي سيبقى موجوداً طالما كانت هناك مركبات. هذا هو الواقع وعلينا تقبله. والحل لا يمكن تحقيقه في ظرف أشهر، بل سيستغرق سنوات من التخطيط وبناء الجسور وغرس ثقافة استخدام المواصلات المشتركة والمترو وغيرها. لست هنا بصدد الحديث عن المشكلة، ولا عن مناقشة الحلول المقترحة. ما يعنيني في هذا المقال هو أنت أيها القارئ وطريقة تعاملك مع مشكلة الازدحام المروري في كل الأوقات.

دعني في البداية آخذك لنلقي نظرة عن قرب على الطريقة التي يبدأ بها يومك لحظة خروجك من المنزل متوجهاً إلى العمل. تخرج من باب المنزل وأنت في قلق لأنك تأخرت عدة دقائق لحين الانتهاء من ارتداء ملابسك، ونسيت أين وضعت هاتفك النقال، فتزداد درجة التوتر تصاعدياً عندما تكتشف أن الشارع مزدحم ولن تستطيع الخروج من حيك السكني إلا بعد عَشْرِ دقائق إضافية. تلعن في سرك هذا التأخير، وتتمنى لو أنك استيقظت باكراً لتوفر على نفسك هذا القلق. على الطريق ستجد عشرات السيارات التي يفيض منها التوتر لأنهم جميعاً سيدخلون مقرات العمل متأخرين، وسيتكرر هذا السيناريو يومياً حتى تتلف أعصابك، وتتآكل. ستدخل مقر عملك مشحوناً بطاقة التوتر والقلق والعصبية وسيفسد يومك لأنك معبأ بكمية هائلة من السلبية التي ربما تفرغها على الآخرين. في طريق العودة، ستكتشف أن «الازدحام» لا يزال بانتظارك ويطل عليك من الشارع وهو يبتسم لأنه سيتلف ما تبقى لديك من أعصاب. ومع تكرار هذا الوضع ستتحول لشخص عصبي يكره الخروج من المنزل. لكن الحل بيدك، لأن 80% مما يحدث لك في الحياة يتوقف على طريقة استجابتك وتفاعلك معه.

عليك في البداية أن تغير الطريقة التي تنظر بها إلى الزحام، بدلاً من النظر إليه كوقت مهدر، حول الفكرة إلى معنى إيجابي، اعتبره مثلاً وقت الاستثمار في الذات، كيف ذلك؟ من خلال تخصيصه لسماع محاضرات في التنمية أو بعض الكتب المسموعة التي لم تحظ بفرصة قراءتها، يمكنك أيضاً حفظ بعض سور القرآن وبذلك تُلهي عقلك عن الزحام الذي يثير جنون السواق الآخرين. ربما يمكنك الاستيقاظ فجراً للصلاة والتوجه مباشرة إلى العمل، هناك العديد من الحلول، فقط تعلم كيف تحول سلبيات الحياة لمنفعة، وستجد أن جميع ما يحدث لك إنما يحدث لصالحك.