محمد إسحاق عبدالحميد




تخرج أحمد من الجامعة من تخصص نظم المعلومات الإدارية، واصطدم في الواقع بعدد الخريجين الكبير وشح الوظائف المتاحة حين التخرج، اجتهد وسعى للتقديم على جميع الفرص المتاحة والتي تتناسب مع معدله الدراسي ومجال عمله، ومع ذلك كان عضواً في إحدى الجمعيات الخيرية.


وخلال فترة بحثه عن وظيفة، لاحت له فرصة توظيف في الجمعية التي كان عضواً فيها بمنصب سكرتير إداري وراتب لا يتجاوز 150 ديناراً ودوام 10 ساعات باليوم، وأخذ هذه الفرصة بلا تردد واجتاز المقابلة وحصل على العمل، فالعمل ولو كان في غير التخصص خير من الجلوس في البيت.

وخلال فترة العمل لـ5 أشهر بالجمعية أتيحت له فرصة أفضل في إحدى الوزارات، وكان عمله بالجمعية السبب في تقديمه على هذه الفرصة ومعرفته بها من الأساس، فقد قام بدلالته عليها أحد زملاء العمل بالجمعية، وبالفعل تقدم للوظيفة واجتاز الاختبار والمقابلة وتم تعيينه.

قصة حصلت في الواقع وليست من نسج الخيال، وغيرها من الفرص التي تظهر للباحثين عن عمل بجد والمنتهزين للفرص أمامهم، فالحياة لن تكون دائماً كما نريد، وقد تتأخر الفرصة التي نحلم بها وربما لا نصل لها بتاتاً!

وعلى كل واحد منا أن يُحسن عيش تجربته ورحلته في الحياة وأن يستمر بالحركة والبحث والسعي، فقد خسر الكثير من توقف ويأس وآثر العيش في جزيرة الأمنيات والأحلام الوردية بعيداً عن الواقع.

لا تفهم كلامي بشكل خاطئ، لا أدعو لترك الطموح والأحلام، ولكن أدعو إلى امتلاك المرونة والواقعية وقليلاً من المنطق في الحياة، فالتعنت والعناد لا يفيدان في جميع الأوقات. وهب أنك بحثت عن وظيفة لمدة سنتين في مجالك ودخلك أكثر من مقابلة ولم تجد وظيفة فهل ستستمر في البحث بالشكل ذاته بقية عمرك أم تعيد النظر في الخيارات المتاحة وتفكر في مجالات أوسع للتقديم أو البدء في مشاريع صغيرة نابعة من صميم تخصصك؟

وهل العناد والإصرار على العمل في مجالات أو جهات معينة من العقل والمنطق أم إن الإنسان يبدأ بالمتاح ويتدرج ويسعى مع ذلك في البحث عن فرص أفضل؟

وتأكد أن عملك في وظيفة ذات ظروف عمل صعبة ومردود قليل أفضل من البقاء عاطلاً وأنت تتحسر على حالك وتتمنى لو كنت في مكان آخر ووضع آخر.

ومن خلال البحث المستمر والسعي لتطوير نفسك في أي وظيفة كنت فيها ستجد في طريقك الكثير من الفرص بإذن الله بخلاف من جلس ينتظر بلا حراك.

وربما تكتشف مع الأيام أن عملك في غير تخصصك كان هو الخيار السديد، وأنك اكتشفت جوانب قوة في شخصيتك ما كنت تعرفها من قبل، وربما وصلت للوظيفة التي تريدها بعد مرورك بعدة وظائف واكتساب العديد من المهارات والخبرات والعلاقات المتنوعة.

ولو جلست الطيور بأعشاشها وما طارت ولا بحثت عن لقمة العيش كل يوم سواء قريباً من العش أو بعيداً عنها لمّا أكلت ولا استطاعت توفير الغذاء لصغارها.

وأختم بكلام ستيف جوبز عن الأجور في بداية الحياة فيقول: «الأجور المتدنية في بداية الحياة هي جزء من مسار تطويرك المهني، وستلمح الفرص الأفضل بمرور الوقت».