أميرة البيطار

يُروى أنّ رجلاً كانت له نخلة فرعها في دار رجل فقير ذي أطفال صبيان، وكان الرّجل إذا جاء فدخل الدّار وصعد النّخلة ليأخذ منها التّمر، فربما سقطت التّمرة فيأخذها صبيان الفقير، فينزل الرّجل من النّخلة حتّى يأخذ التّمر من أيديهم فإن وجدها في فيّ (فم) أحدهم أدخل إصبعه حتّى يأخذ التّمرة من فِيه (فمه)، فشكا ذلك الرّجل إلى النّبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأخبره بما يلقى من صاحب النّخلة، فقال له النّبيّ (صلّى الله عليه وسلّم): اذهب، ولقي رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) صاحب النّخلة، فقال: تعطيني نخلتك المائلة الّتي فرعها في دار فلان ولك بها نخلة في الجنّة، فقال له الرّجل: إنّ لي نخلاً كثيراً وما فيه نخلة أعجب إليَّ تمرة منها، قال: ثمّ ذهب الرّجل، فقال رجل كان يسمع الكلام من رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): يا رسول الله أتعطيني ما أعطيت الرّجل نخلة في الجنّة إن أنا أخذتها، قال نعم: فذهب الرّجل ولقي صاحب النّخلة فساومها منه، فقال له: أشعرت أنّ محمّداً أعطاني بها نخلة في الجنّة، فقلت له: يعجبني تمرتها وإنّ لي نخلاً كثيراً فما فيه نخلة أعجب إليَّ تمرة منها، فقال له الآخر: أتريد بيعها؟ فقال: لا إلاّ أن أعطي ما لا أظنّه يعطي، قال: فما مُناك؟ قال: أربعون نخلة، فقال الرّجل: جئت بعظيم تطلب بنخلتك المائلة أربعين نخلة ثمّ سكت عنه، فقال له: أنا أعطيك أربعين نخلة، فقال له: اشهد إن كنت صادقاً فمرَّ عليه أناس فدعاهم، فأشهد له بأربعين نخلة ثمّ ذهب إلى النّبيّ (صلّى الله عليه وسلّم)، فقال: يا رسول الله إنّ النّخلة قد صارت في ملكي فهي لك، فذهب رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) إلى صاحب الدّار، فقال له: النّخلة لك ولعيالك، فأنزل الله تعالى ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ﴾ السّورة، وعن عطاء قال: اسم الرّجل أبو الدّحداح ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ﴾ هو أبو الدّحداح ﴿ وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ﴾ وهو صاحب النّخلة [45] .