أ ف ب


وصلت المفاوضات الهادفة إلى إحياء الاتفاق النووي الإيراني إلى "طريق مسدود" حسبما أعلن، الأربعاء، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل.

وقال بوريل لوكالة "فرانس برس": "أخشى أنه مع الوضع السياسي في الولايات المتحدة سنبقى في طريق مسدود"، مشيراً إلى أنه لا يتوقع اختراقات خلال الأيام المقبلة.

وقام بوريل خلال السنة ونصف السنة الماضية بتنسيق الجهود سعياً لإحياء اتفاق إيران النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في 2018، قبل أن يعلن الاتحاد الأوروبي في أغسطس الماضي طرح صيغة تسوية نهائية على واشنطن وطهران.


وقال بوريل إنَّ "النص النهائي" الذي عرضه الشهر الماضي، يشكل "أفضل نقطة توازن بين مواقف الجميع".

لكن إيران تصر على مطلب أن توقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تحقيقاً بدأته عندما عثرت على آثار لمواد نووية في ثلاثة مواقع لم يُصرح عنها. كما أنَّ الوضع السياسي في الولايات المتحدة تغير في وقت يستعد الرئيس جو بايدن للانتخابات النصفية في نوفمبر المقبل، ما يصعّب التوصل إلى اتفاق مع إيران.

"مقترحات متباعدة"

وقال بوريل إنه في الشهرين الماضيين "كانت المقترحات متقاربة، لكن مع الأسف، بعد الصيف لم تعد المواقف متقاربة، بل باتت متباعدة".

وأضاف أن "المقترحات الأخيرة من الإيرانيين لم تكن مفيدة لأننا كنا على وشك الوصول (لاتفاق)، ثم جاءت مقترحات جديدة، ولم تكن البيئة السياسية هي الأكثر ملاءمة. يؤسفني أن أقول إني لا أتوقع أي اختراق في الأيام المقبلة".

واعتبر بوريل أنه لا يوجد شيء آخر يمكن طرحه للخروج من المأزق. وقال: "من جانبي، ليس لدي أي شيء آخر أقترحه".

بيان غربي

إلى ذلك، أيد ثلثا أعضاء مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، المؤلف من 35 دولة عضواً، بياناً غير ملزم طرحته الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، الأربعاء، يضغط على إيران لتقديم تفسير بشأن وجود آثار لليورانيوم في ثلاثة مواقع غير معلنة.

وفي الاجتماع الفصلي السابق في يونيو، مرر مجلس محافظي الوكالة قراراً عبّر عن "القلق العميق" إزاء عدم تقديم تفسير لوجود تلك الآثار بسبب غياب التعاون الكافي من جانب إيران، ودعا طهران إلى التواصل مع الوكالة "دون تأخير".

وتقول الوكالة الدولية التي مقرها جنيف إنه لم يتم إحراز تقدم، وإن إيران لم تتواصل منذ ذلك الحين.

وبدلاً من إصدار قرار جديد في اجتماع المجلس هذا الأسبوع، أصدرت الدول التي كانت وراء استصدار قرار يونيو، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، بياناً مشتركاً يعيد التأكيد على دعم ذلك القرار ويسعى لحشد دعم أكبر عدد من الدول لذلك.

وقال البيان المشترك الذي قدمته ألمانيا لمجلس محافظي الوكالة: "ندعو إيران إلى التحرك على الفور للوفاء بالتزاماتها القانونية وقبول عرض المدير العام (للوكالة الدولية للطاقة الذرية) دون تأخير، لمزيد من التواصل لتوضيح وحل القضايا العالقة".

وأظهرت قائمة بالدول المؤيدة للبيان قدمتها ألمانيا أن 23 دولة في المجلس تدعمه. وهناك 12 دولة لم تؤيده منها الأرجنتين والبرازيل والمكسيك ومصر وجنوب إفريقيا والهند وباكستان وماليزيا والسنغال وفيتنام.

وكانت 30 دولة قد صوتت لصالح القرار الصادر في يونيو والذي لم تعارضه سوى روسيا والصين وقتها. ولم تدعم الدولتان كذلك البيان المشترك الصادر الأربعاء.

وامتنعت الهند وباكستان عن التصويت في يونيو. وتحول موقف ليبيا من الامتناع عن التصويت على قرار يونيو إلى تأييد البيان المشترك الصادر الأربعاء.

مفاوضات إحياء الاتفاق

وأتاح اتفاق 2015 المبرم بين طهران وست قوى دولية (واشنطن، باريس، لندن، موسكو، بكين، وبرلين) رفع عقوبات عن طهران لقاء خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. إلا أن الولايات المتحدة بعد انسحابها منه أعادت فرض عقوبات على إيران التي ردت ببدء التراجع تدريجاً عن معظم التزاماتها.

وبدأت إيران وأطراف الاتفاق، بتنسيق من الاتحاد الأوروبي ومشاركة الولايات المتحدة بشكل غير مباشر، مباحثات لإحيائه في أبريل 2021، تم تعليقها أكثر من مرة مع تبقي نقاط تباين بين واشنطن وطهران.

وبعد استئناف المباحثات مطلع أغسطس، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه طرح على واشنطن وطهران صيغة تسوية "نهائية". وقدّمت طهران للاتحاد الأوروبي مقترحاتها على النص، وردّت عليها واشنطن في 24 من الشهر ذاته.

وفي الأول من سبتمبر، أكدت الولايات المتحدة تلقّيها رداً إيرانياً جديداً، معتبرة على لسان متحدث باسم وزارة خارجيتها أنه "غير بنّاء".

وينتقد الغربيون طلب إيران، قبل أن تتم إعادة تفعيل الاتفاق، إغلاق ملف المواقع غير المعلنة، داعين طهران للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإنهاء المسألة. من جهتها، تعتبر طهران القضية "مسيّسة" وتريد طيّها قبل تفعيل الاتفاق النووي بشكل كامل.

وقالت الأطراف الأوروبية المنضوية في الاتفاق النووي، الأسبوع الماضي إن لديها "شكوكاً جدية" في مدى صدق إيران في السعي للتوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي. واعتبرت إيران الإعلان المشترك "غير بناء" و"مؤسف".