تجعل درجات الحرارة المرتفعة، حياة مئات آلاف الفلسطينيين من النازحين الذين يعيشون في خيام أغلبها في رفح أقصى جنوبي قطاع غزة المحاصر، أكثر صعوبة؛ إذ وصفوا الوضع بأنه أشبه بـ"العيش في جحيم"، وفق تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.

ومع القليل من الكهرباء والغذاء والمياه النظيفة، يكافح الكثير من سكان غزة للبقاء على قيد الحياة، بعد أن فروا من منازلهم في مختلف أنحاء القطاع أملا بالابتعاد عن القصف الإسرائيلي ليجدوا أنفسهم في خيام وسط درجات حرارة حارقة مع بداية فصل الصيف.

ونقلت الصحيفة، عن شيرين رجب، التي تعيش في إحدى المخيمات في الجنوب، قولها إن "حرارة الصيف تزيد من حدة الدمار".

وأضافت: "الحياة في الخيمة كالجحيم. لا نعرف ماذا نفعل، هل نبقى في الداخل أم نخرج؟"، مشيرة إلى أن "درجات الحرارة المرتفعة لا تطاق. ويعاني الأطفال من أمراض جلدية نتيجة الحرارة الزائدة والعرق وقلة الماء المتوفر للاستحمام".

البحث عن الطعام والمياه

إلى ذلك، تحدث سكان شمالي قطاع غزة، عن نقص حاد في الغذاء، وسط تباطؤ حركة المساعدات إلى منطقتهم.

ونقلت الصحيفة عن محمد ممدوح، أحد سكان بيت لاهيا، الذي يعيش في منزل مدمر جزئيا مع أسرته المكونة من 6 أفراد، قوله: "في كثير من الأحيان لا توجد مواد غذائية".

وأضاف أن "الوضع في بيت لاهيا مدمر جزئيا، فالخضراوات والفواكه واللحوم غير متوفرة، وما هو متوفر لا يستطيع معظم السكان شراءه بسبب ارتفاع الأسعار.. أقضي معظم يومي في البحث عن الطعام لعائلتي".

ونفذ الجيش الإسرائيلي غارات واسعة على مناطق شمال قطاع غزة، أدت إلى تدمير معظم المناطق، وردم آبار المياه، بالتزامن مع حصار إسرائيلي يحد من دخول الغذاء.

بدورها، قالت الغزية رحمة هلال عبر الهاتف، إن النقص المزمن في المياه، بسبب الدمار واسع النطاق الذي لحق بالبنية التحتية لضخ الآبار، يساهم أيضًا في تفاقم البؤس.

واستطردت للصحيفة: "تصل المياه إلى منطقتنا مرة واحدة في الأسبوع، لكننا نجد صعوبة في رفعها إلى الخزانات الموجودة فوق المنزل بسبب انقطاع الكهرباء".

وحذرت وكالة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" أخيرا، من أن ما يقرب من 3 آلاف طفل انقطعوا عن العلاج من سوء التغذية في جنوب غزة، " ما يعرضهم لخطر الموت مع استمرار العنف المروع والتهجير في التأثير على الوصول إلى مرافق الرعاية الصحية".

وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، في تحديث له، الجمعة، إن هناك "مركزين فقط لتحقيق الاستقرار للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد" يعملان حاليا في قطاع غزة.

كما ذكر التحديث أن مرافق المياه والصرف الصحي لا تزال متضررة بسبب القتال، حيث يقوم الكثير من الناس "بجمع المياه من مصادر غير موثوقة في حاويات غير مناسبة"، ويفتقرون إلى لوازم النظافة مثل الصابون.

وأضاف أن مثل هذه العوامل تساهم في ارتفاع مستويات الإسهال والأمراض الجلدية وتفشي التهاب الكبد الوبائي.

اقتراب المجاعة

بدوره، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إن "نسبة كبيرة من سكان غزة" يواجهون "ظروفا تشبه المجاعة".

وتدعو وكالات الإغاثة إسرائيل إلى السماح بدخول المزيد من المساعدات إلى القطاع المدمر، حيث قالت إن القتال في غزة وصعوبات التنسيق مع السلطات الإسرائيلية "جعلت من الصعب عليهم الوصول إلى معبر كرم أبو سالم إلى حد كبير"، وفقا للصحيفة.

وعولج أكثر من ثمانية آلاف طفل دون سن الخامسة في قطاع غزة من سوء التغذية الحاد وتوفي 28 منهم، وفق ما أعلنت منظمة الصحة العالمية الأربعاء الماضي.

وأوضح المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، أن نسبة كبيرة من سكان قطاع غزة الذي دمّرته الحرب التي شنّتها إسرائيل، تواجه مستوى كارثيا من نقص الغذاء وظروفا قريبة من المجاعة.

وأضاف "رغم المعلومات التي تفيد بزيادة عمليات تسليم المواد الغذائية، لا دليل في الوقت الحاضر على أن الذين هم في أمس الحاجة إليها يتلقون الغذاء بكمية ونوعية كافيتين".