اتهم الرئيس السابق لجنوب إفريقيا، جاكوب زوما، الذي يواجه حكماً بسجنه 15 شهراً بتهمة الازدراء، المحكمة الدستورية بإدانته ظلماً، معرباً عن خشيته من خطر محدق بالنظام القضائي في بلاده.

حكم زوما جنوب إفريقيا لنحو 9 سنوات، شابتها فضائح، حتى أرغمه الحزب الحاكم على التنحّي، في عام 2018، سعياً إلى كبح خسارته دعماً انتخابياً.



وتقدّر الحكومة أن أكثر من 500 مليار راند (35 مليار دولار) سُرقت من خزائن الدولة، خلال عهد زوما، مضيفة أن عشرات أدلوا بشهاداتهم أمام لجنة تحقيق برئاسة رئيس المحكمة الدستورية بالوكالة، ريموند زوندو، وضعوا الرئيس السابق في صلب تلك العملية، كما أفادت وكالة "بلومبرغ".

واعتبرت المحكمة الدستورية، في 29 يونيو الماضي، أن زوما (79 عاماً) انتهك أمرها بالإدلاء بشهادته أمام زوندو، لكنها وافقت السبت الماضي، على دراسة طلبه بمراجعة الحكم، وتحديد موعد لجلسة استماع، في 12 يوليو الجاري.

كذلك رفع الرئيس السابق قضية في دائرة كوازولو ناتال بالمحكمة العليا، لإلغاء قرار المحكمة الدستورية، علماً أن محامي لجنة زوندو اعتبر أن المحكمة العليا ليس لديها اختصاص لدراسة القضية.

"حكم مشابه للفصل العنصري"

زوما الذي رفض المشاركة في الإجراءات الأصلية للمحكمة الدستورية، نفى ارتكابه أيّ خطأ، مشيراً إلى أنها لم تأخذ سنّه واعتلال وضعه الصحي بالاعتبار، عندما قرّرت سجنه.

وأضاف: "لا أسعى إلى تعاطف، بل العدالة. لو كان الأمر متعلّقاً بي، فسأذهب اليوم مرة أخرى إلى السجن بسبب معتقداتي، سواء خرجت حياً أم لا، لكنني لم أعمل أبداً بوصفي فرداً، وبالتالي أنا أسترشد بآراء أسرتي ورفاقي".

وأعرب زوما عن "قلق شديد من أن جنوب إفريقيا تتراجع بسرعة إلى حكم مشابه للفصل العنصري"،

وتابع: "أواجه فترة احتجاز طويلة من دون محاكمة. لديّ واجب لضمان عدم المسّ بكرامة القضاء واحترامه، من خلال أحكام تذكّر شعبنا بأيام الفصل العنصري" التي سُجن خلالها لعشر سنين، بعد معارضته حكم الأقلية البيضاء.

ولم يردّ زوما على سؤال بشأن إمكان تسليم نفسه للسلطات، إذا فشل طلب المراجعة الذي قدّمه. ودعا أنصاره إلى استخدام وسائل سلمية، للاحتجاج على ظلم يعتبر أنه لحق به، علماً أنه كان يتحدث في منزله الريفي بمقاطعة كوازولو ناتال، شرقي البلاد.

وتجمّع كثيرون من أنصار الرئيس السابق، وحمل بعضهم رماحاً وعصياً تقليدية، أمام منزله، متعهدين بمقاومة أيّ محاولة تنفذها الشرطة لاعتقاله.

وسُمع دويّ إطلاق نار متقطع، ولكن لم ترد أنباء عن صدامات عنيفة أو إصابات او اعتقالات، وفق "بلومبرغ".

وأعلن "الهيكل الوطني العملاني والاستخباراتي المشترك"، الذي ينسّق إجراءات قوات الأمن، أنه عزّز وجوده في كوازولو ناتال، نتيجة انتهاك القواعد التي تستهدف احتواء فيروس كورونا المستجد.

وأضاف أن كلّ من عرّض حياة أفراد للخطر، أو نظّم تجمّعات عامة محظورة، أو شارك فيها، سيواجه اتهامات جنائية.

"المؤتمر الوطني الإفريقي"

وأرجأت القيادة العليا لحزب "المؤتمر الوطني الإفريقي"، اجتماعاً كان مقرراً في عطلة نهاية الأسبوع، للتركيز على تهدئة التوترات في كوازولو ناتال، حيث يحظى زوما بتأييد قوي لدى عرقية الزولو.

واعتبر الحزب أن من واجبه تأمين "قيادة واضحة ومبدئية، لضمان الحفاظ على سيادة القانون، وتجنّب أيّ عنف، أو إصابات، أو خسائر في الأرواح".

وسأل صحافيون زوما هل سيلتقي قياديين في الحزب، أو مسؤولين تنفيذيين فيه، فأجاب: "لماذا يجب أن ألتقي بهم؟ يجب أن يقابلوني. لست سبب هذه المشكلة".

وأشارت "بلومبرغ" إلى أن أعلى هيكل لصنع القرار في الحزب، اللجنة التنفيذية الوطنية، تعقد الآن اجتماعاً خاصاً، يُرجّح أن يُناقش خلاله إمكان اعتقال الرئيس السابق.

ويسعى قياديو الحزب إلى "تدخل سياسي"، قد يشمل محادثات مع زوما، لمحاولة إقناعه بالامتثال للمحكمة وإخضاع مؤيّديه للمراقبة، علماً أن وفوداً ضمّت قياديين في الحزب، فشلت في إقناع زوما بالمثول أمام التحقيق القضائي.

وقال زوما إنه لم يكن ينوي أبداً تحدّي القانون، مشدداً على أنه يدعو إلى العدالة. وتابع: "لست خائفاً من الذهاب إلى السجن بسبب معتقداتي. لن تكون هذه المرة الأولى. سأكون من سجناء الرأي".