ليس ميثاق العمل الوطني مجرد أيقونة معلقة أو احتفالية مطلقة. إنه مرجع البحرين الحديث في ثوابتها، في ما يجوز، وما لا يجوز. على الأجيال الجديدة أن تدرك ذلك، وقبلها من يتصدون للشأن العام.

«استقر الرأي على أن يؤخذ بالثوابت الوطنية والسياسية والدستورية في هوية الدولة»، ليست جملة عابرة في الميثاق. تفرعت عنها مبادئ، رغم بداهتها، دفعت البحرين ثمناً في صونها، حين كانت هوية الدولة موضع الاستهداف.

صرخنا حينها في وجه من حاول تخطي إرادة البحرينيين أن بيننا وبينكم الميثاق الذي ارتضيناه جميعاً، هاكم بنوده، اقرؤوا فيه أن «المجتمع البحريني توافق على مجموعة من المقومات الأساسية، التي تنسجم مع القيم العربية والإسلامية. وهذه القيم ينبغي التمسك بها والحفاظ عليها، بل والدفاع عنها، لأنها اختيار المجتمع ذاته بكل فئاته واتجاهاته، وهي غرس الآباء والأجداد من أجل وجود مجتمع فاضل وصيانته. ومن ثم فإن هذه المقومات الأساسية لا يجوز لأي من السلطات العامة أو المواطنين الخروج عليها أو تجاوزها، حرصاً على صالح المجتمع والدولة». وقلنا اقرؤوا المقومات مفصلة في الميثاق الذي صوت عليه البحرينيون بـ98.4%. لكن حينها صمت آذان وعميت أعين إلا عن أحلام حولها عزم البحرينيين أوهاماً.

واليوم، وغداً، ينبغي للأعين أن تفتح، فما أقره الإجماع لا يغيره إلا الإجماع. هو درس تعلمه ظروف المنطقة لأجيالنا الصاعدة.

حمدنا الله في البحرين حين فاجأنا الخطب أن لنا مظلة جامعة، ميثاقاً نحتكم إليه ونركن إلى ما أفرزه من مؤسسات. حمدنا الله على رؤية جلالة الملك المفدى في المشروع الإصلاحي الذي أنجز كل هذا فنقل البحرين من عصر إلى عصر.

نعم، دخلنا بإطلاق المشروع الإصلاحي والتفاف الإرادة الشعبية حول الميثاق عصراً آخر مازلنا نبني شواهده الكثيرة، ونعرف أن أيامه لم تنبئ بكل بشائرها بعد، لكن الأكيد أنه محصن بإرادتنا. وقد برهنت الأيام أنها لا تلين ولا تستجيب لعوامل نشر الإحباط والتململ.

سلاماً لكل من أنار بفكره وثيقة الميثاق. وسلاماً لكل من عبر عن إرادته الحرة في التصويت عليه. وسلاماً لكل من دافع عن جوهره وصانه. وقبل كل ذلك ألف تحية وسلام لقائد الإرادة الشعبية ومهندس هذا كله العاهل المفدى حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله وأعزه.