يلاحظ أن هناك كماً من الرسائل تصلنا على هواتفنا غير معروفة المصدر يتضح أنها مفبركة وغير صحيحة، وأننا نساهم بنشرها دون تروٍّ، إحداها مثلاً صورة لشخص أسمر يستلم مفاتيح بيته الإسكاني ومع الصورة رسالة تقول «إثيوبي يأخذ بيت إسكان والبحرينيون على قائمة الانتظار» ومع الرسالة أيقونة أو «إيموجي» الوجه الأحمر الغاضب!!

ثم يتضح أن هذا الشخص بحريني من سكنة الحورة وأهله معروفون أباً عن جد.

قبل يومين انتشرت صورة لموظف في وزارة التربية عابوا في أصوله وقالوا إنه وظف أهله ومعارفه، واتضح أن هذا الشخص لا علاقة له بالتوظيف أصلاً وليست لديه صلاحيات التوظيف، وختمت الرسالة بأن البحريني محروم من التوظيف!

وبالأمس انتشر قصة اكتشاف أكثر من 100 شهادة طبية مزورة، ومن تداول الخبر اكتفى بالعنوان الناقص الذي عنونت به الصحيفة هذا الخبر والذي يوحي لك بالصيغة الخاطئة التي كتب بها، بأن في البحرين أكثر من 100 شخص يمارسون مهنة الطب وشهاداتهم مزورة!!

أما من قرأ تفاصيل الخبر وثناياه فسيقرأ بأن تلك الشهادات المزورة كانت ضمن طلبات التوظيف التي تقدم بها أجانب للعمل داخل البحرين وتم اكتشافها من قبل اللجان ورفضت طلباتهم وأصحابها لم يدخلوا البلد أصلاً، ولكننا تداولنا عنوان الخبر وتحته ألف تعليق على حالة «الفوضى» التي تعم البلد!!

وهكذا نستمر بنشر هذه النوعية من الأخبار ونساهم بعلم أو بجهل بتشويه صورتنا والإمعان في طعنها، والأخطر المساهمة في انتشار وزيادة رقعة حالة السخط.

حرية التعبير والانتقاد والتصحيح والتقييم والمراجعة مطلوبة و و و و تعتبر حالة صحية، وحالة مطلوبة بل تدل على مجتمع حيوي قابل للنهوض، ولكننا أمام حالة مختلفة تماماً لا علاقة لها بالنقد ولا علاقة لها بالمصارحة والمكاشفة، هناك فرق.

نحن أمام حالة سلبية بل ومجرمة في عرف القانون وهي المساهمة في نشر أخبار كاذبة ملفقة غير صحيحة، للعلم الأخبار الملفقة ليست رأياً هناك فرق، بل معلومات ملفقة وهناك فرق بين الرأي والمعلومة، لك مطلق الحرية في رأيك، ولكنك مقيد في المعلومة.

والأدهى أننا بعد المساهمة في نشر أخبار لا نعرف مصدرها وبها أحياناً أسماء أشخاص ساهمنا في الإضرار بهم، نختم عمليات نشرنا بجملة إحباطية مفادها ألا خير في هذا البلد!

مع الأسف هذا هو المقصود، هذا ما يطمح له من يدفعنا ويساهم معنا في دس هذه الأخبار وهو لا يجهد كثيراً فنحن أشطر من يفقأ عينه بيده.

من صاغ خبراً ودس معلومة ليس شخصاً ساذجاً أو يلعب لعبة لا يعرف قوانينها، من صاغها مدرك تماماً ماذا يفعل، إنه يعلم أن بعض التطبيقات صعبة المراقبة، ويدرك أننا ناس لا ندقق ولا نتأنى ولا نحاسب أنفسنا قبل إعادة النشر، إنه يعرف أننا أسرع من يتداول الصور والرسائل على تطبيق الواتس أب، والحجة أننا ناقل للكفر وليس بكافر، أو أننا من باب التنبيه والإيضاح أو أو وخلال ساعات معدودة تصلك نفس الرسالة من أكثر من «جروب» بل وتعود لك آخر النهار بعد أن تلف البحرين كلها.

بلدنا ليس مدينتنا الفاضلة وبه من الأخطاء والتقصير ما به، المطلوب التركيز على تلك الأخطاء لا زيادتها، فإن كنا نلوم الدولة على أي فوضى في أي قطاع فإن ما نرتكبه بأيدنا هو الفوضى الأخلاقية وهو السير في عكس اتجاه الوطنية، إننا ندعو الجميع وأولهم أنفسنا بأخذ نفس والعد إلى عشرة قبل إعادة نشر أي رسالة.