تم خصم مبلغ 346 مليون دينار من المصاريف التشغيلية للوزارات الحكومية، وتم توجيه جميع الوزارات إلى إعادة هيكلة دوائرها من جهة وضم بعض الدوائر والاستغناء عن بعضها من جهة أخرى، وتسيير العمل بالحد الأدنى الممكن الاحتفاظ به، والعمل على تطوير قانون اقتطاع التعطل بحيث يغطي في حالة الفائض خيارات التقاعد المبكر بحيث يتم الاستغناء عن قدر أكبر من الجهاز الحكومي المتضخم وتقليصه من أجل الوصول إلى نقطة التوازن المالي التي نسعى لتحقيقها لسد العجز، خاصة وأننا ندفع فوائد على ديننا العام ما يقارب نصف المليار سنوياً مما يثقل كاهلنا بشكل كبير.

مسؤولية كبيرة كان الله في عوننا جميعاً، وهذا بالطبع يعني الضغط على الخدمات التي تقدمها الحكومة وممكن أن تؤثر على مستواها وجودتها بشكل كبير، ناهيك عن تأثيرها على المستوى المعيشي لبعض الأسر في حال تم الاستغناء عن أي منهم، ما لم... نقل ما لم نعمل على تحقيق بعض التوازنات الأخرى في طريقة الأداء من أجل تخفيض تبعات وآثار تقليص الميزانية.

وكيف ممكن أن نحقق هذا التوازن؟

هذا يتطلب أن نفكر خارج الصندوق من جهة ونتحرك كفريق واحد من جهة أخرى ونتذكر أننا نتعامل مع بشر وننسى أن القصة قصة أرقام فحسب.

بمعنى أن ننشط الحوافز التي تمنح للذين سيجتهدون من الموظفين ويبقون على نشاطهم رغم زيادة الضغط عليهم وأن تكون الحوافر مغرية فعلاً، وأن يكون تقييمها مبنياً على تحقيق إنجاز وظيفي وفيه من العدالة والشفافية ما يشجع الكل على الانخراط فيه.

وبمعنى أن تكون لدينا مرونة في دخول القطاع الخاص في تقديم الخدمات بدلاً من التعقيدات الحالية، وأن نمنح جزءاً من المنشآت والخدمات كي يديرها القطاع الخاص مع تعزيز دور الرقابة اللاحقة لا السابقة عليه، ووضع ضوابط صارمة لنوعية ومستوى الخدمات المطلوبة.

وبمعنى وقف أي نوع من أنواع الأنشطة الترفيهية أو الرياضية التي لا تدر دخلاً ولا تنشط دورة اقتصادية ولا تضيف قيمة حقيقية بحيث لا نضلل الرأي العام أو المسؤولين بأرقام غير واقعية من أجل استمرارها والإبقاء عليها فقط، والإبقاء على البرامج التي تدر دخلاً على الدولة وتنشط دورة اقتصادية وتضيف قيمة وترفع نسبة إنتاجية القطاع.

لتتذكر الدولة بأنه حين كانت رعوية والرسوم والضرائب كانت محدودة، كانت الناس لا تعد «الطعام» أي النواة على الحكومة وهي تأكل تمرها، أما اليوم فهناك ألف عين وعين تحسب لك عدد النواة حتى لو دفنتها!!

القصة في النهاية لا تنحصر في تخفيض أرقام النفقات، فذلك لا يعد إنجازاً إن نزل مستوى وجودة الخدمات التي تقدم للمواطن وللزائر والمقيم باسم البحرين، ولا يعد إنجازاً إن تصاعد لدينا مستوى التذمر والسخط العام، التوازن لا بد أن يكون بمستوى أفقي، بمعنى أن يكون توازناً سياسياً إلى جانب كونه توازناً مالياً، هكذا تحفظ التوازنات والاستقرار معاً.